بالعموم إذا لم
يجب تخصيصه ، وهو هنا واجب كما بينه بقوله : (فالمقتضي لوجوب تخصيص تلك النصوص
بأفعال العباد) أي : بإخراج أفعال العباد الاختيارية منها (هو لزوم الجبر المحض المستلزم لبطلان
الأمر والنهي ، ولزومه) أي : ولزوم الجبر المحض مبني (على تقدير أن لا أثر) في الفعل (القدرة المكلّف) الذي كلّف (بالأمر) بفعل (والنهي) عن فعل ، (ولا يدفعه) أي : لا يدفع هذا اللزوم (تعلّق) لقدرة المكلّف بالفعل (بلا تأثير) فيه لبناء اللزوم على نفي أثر القدرة الحادثة.
ولك أن تقول : قول
المصنف أن الكسب لا يفهم منه إلا التحصيل هو بحسب ما وضع له لغة ، وكلامنا هنا في
المعنى المسمى بالكسب بوضع اصطلاحيّ كما ينبئ عنه كلام حجة الإسلام في «الاقتصاد»
، فإنه لما ذكر تعلق قدرة الباري بالأفعال ، وأنه على وجه الاختراع ، وتعلق قدرة
العبد وأنها نسبه لها إليه لا على وجه الاختراع وأن الباري تعالى يسمى خالقا
ومخترعا ، والعبد لا يسمى بذلك ، قال : فوجب أن يطلب لهذا النمط من النسبة اسم آخر
، فطلب فوضع له اسم «الكسب» تيمّنا بكتاب الله تعالى ، فإنه وجد إطلاق ذلك على
أعمال العباد في القرآن .
فقد دل هذا الكلام
على أنه معنى اصطلح على تسميته بالكسب ، وذلك لا ينافي كوننا لا نفهم بحسب اللغة
من الكسب إلا التحصيل.
ثم لك أن تقول :
قولكم أن لزوم الخبر يقتضي وجوب تخصيص تلك النصوص العامة بإخراج أفعال العباد منها
ممنوع ، فإن لزوم الجبر يندفع بتخصيص تلك النصوص بإخراج فعل قلبيّ واحد ، كما سيحققه المصنف ، ويأتي قريبا ما يوضحه ، لا
بإخراج كل فعل من أفعال العباد البدنية والقلبية.
واعلم أن الأشعرية
لا ينفون عن القدرة الحادثة إلا التأثير بالفعل لا بالقوة ؛ لأن القدرة الحادثة
عندهم صفة شأنها التأثير والإيجاد ؛ لكن تخلّف أثرها في أفعال العباد لمانع هو تعلّق
قدرة الله تعالى بإيجادها ، كما حقق في «شرح المقاصد» وغيره ، وقد نقل في «شرح العقائد» تعريفها بأنها صفة
يخلقها الله
__________________