ولا اُغالي إذا ذهبت إلى القول بانَّ حياة الامام كاشف الغطاء كانت موقوفة في اقامة صرح الوحدة الاسلامية المباركة ، ونبذ الاختلاف ، والالتفات إلى ما يحيط بهذه الاُمَّة من أخطار جسيمة ، وما يدبره لها اعداؤها من مكائد ودسائس ومؤامرات ، وبأشكال ومسارب مختلفة ، يصطبغ بعضها بألوان باهتة يراد منها خداع السطحيين والساذجين من رجال هذه الأُمَّة ، وجرهم إلى المزيد من المواجهة والاقتتال في ميادين وسخة غير نزيهة ، حين ينخر اعداؤهم ذلك البنيان العظيم الذي وضع لبناته الأُولى نبي الرحمة محمَّد بن عبدالله صلىاللهعليهوآله ، وشاد صرحه الصادقون من رجال هذا الدين والذين يتقدمهم أهل بيت العصمة عليهمالسلام.
بيد ان البعض ـ وذلك غير خاف على أحد ـ لم يكن تروقه تلك الدعوات الصادقة الصادرة من القلب ، والمرتكزة على قواعد الاسلام الحنيف ، حيث كان يعمل بمعاول الهدم في ذلك البنيان المقدس ، وباسم الدفاع عن الاسلام! والذود عن حريمه! وما ذلك إلّا عين النفاق ومرآة الانحراف (١).
__________________
للمستعمرين ، بل هو قرة عين لهم. وما نشبت مخالب الأجانب في الممالك الاسلامية والبلاد العربية إلّا بإلقاح الفتن بينهم ، واثارة النعرات الطائفية والاقليمية فيهم ، يضرب بعضهم ببعض ، ويذيق بعضهم بأس بعض ، وتكون للمستعمر الغنيمة الباردة ، والربح والفائدة والخسران والوبال علينا.
(١) الغريب أنْ تجد ـ ورغم كلُّ ما بادر ويُبادر اليه العديد من أعلام الطائفة ومفكريها من خطوات جادة ، ودعوات صادقة للتقريب والتقارب بين المذاهب الاسلامية ـ جملة من النفوس السوداوية المشخَّصة الارتكاز ـ التي لا ترعوي أمام كلمة الحقِّ ، ولا تصيخ له سمعاً ـ تعمد جاهدة لقلب الحقائق أمام ناظري المسلمين بصلافة وسماجة يصاحبهما اصرار عجيب على تلك المواقف الخاطئة والمنحرفة ، والتي لقت الاُمة الاسلامية منها الكثير من المصائب والويلات.