وإنَّما هو اختلاف في ظاهر الكلام ، كالاختلاف الذي يوجد في ظاهر الكتاب الشريف وهو القرآن العزيز ، قال تعالى : ( فَيَومَئذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ وَلا جَانٌ ) (١) وقال عزَّ ُّشانه : ( وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسؤولونَ ) (٢) ولكل وجهة خاصة.
وعلى الجملة : فحال السنَّة والأخبار كحال الكتاب الكريم ، فيه النص والظاهر ، والمجمل والمبيّن ، والمطلق والمقيد ، والعام والخاص ، والحكم الواقعي والحكم الظاهري ، والأحكام المؤقَّتة التي تقتضيها الأوقات والظروف والأحوال والحوادث الزمنيَّة ، وتقابلها الأحكام المؤبَّدة التي لا تتغير بتغير الأحوال وتبدل الزمان.
ووظيفة المجتهد الفقيه ـ البالغ تلك المرتبة السامية ، والملكة الراسخة ـ هي تمييز بعضها عن بعض ، والجمع بين متعارضاتها ، ورد بعضها إلى بعض ، واستخراج العلل والأسباب التي أوجبت ذلك التعارض ، واستنباط الحكم الصحيح حسب القواعد من مجموعها. أمّا التعارض والتناقض الواقعي حسب الحقيقة والجوهر فهو مستحيل عندنا بعد البناء على عصمة الأئمة.
فقال أحمد أمين : ما الدليل على عصمة الأئمة؟
فرد الشِّيخ : حكم العقل الضروري.
فهش واستبشر ، وكان طلب من الشَّيخ البيان والايضاح ، فقال سماحته : إنَّه بسيط جداً ، وأنا سائلك : ما الحكمة والغاية من ارسال الرسل ، وانزال الكتب؟
__________________
(١) الرحمن ٥٥ : ٣٩.
(٢) الصافات ٣٧ : ٢٤.