تأزُّمه ـ حتى نهض
من فوره بطلعته المهيبة ، وخطواته المتسارعة الرصينة نحو المرقد المطهر للامام علي
عليهالسلام ، وكان ذلك
وقت الزوال ، فاشرف على الناس طالباً منهم حفظ الهدوء وترك الفوضى ريثما يعود
للتحدُّث معهم بعد فترة لشرح ملابسات هذه القضية ومداخلاتها.
والحق يقال : إِنَّ حضّار هذا الحدث
الكبير ـ الذي عسر على الجميع التحكُّم باندفاعاته الرهيبة ، وتعقّداته المتشابكة
ـ لتنتابهم الحيرة في تفسير علَّة تحكُّم هذا الرجل بعواطف الناس ، وقدرته الفائقة
في توجيه مشاعرهم ، وبهذا الشكل الغريب ، حيث يذكرون أنَّه رحمه الله تعالى ارتقى
المنبر عصراً بتان وروية ، ثم أرسل نظراته الثاقبة تجوس في الجموع المحيطة به ، والتي
ران عليها الصمت والسكون وهي تحدق بمرجعها الكبير الذي لم يلبث أنْ شرع بحديثه
معهم ، مطلقاً عباراته الدقيقة الحساسة ، والمنحدرة كالسيل الهادر من أعالي الجبال
، مبرهناً على خطأ وفساد هذه التصرُّفات الضارة التي أخذت تصطبغ بها ظاهرة
الاحتجاج هذه ، وما يمكن أنْ تشكِّله من آثار سيئة مخالفة للموقف الواجب اتخاذه
أمام هذه الاساءات المقصودة.
نعم ، ذكر المعاصرون الذين شاهدوا بأعينهم
تفاصيل هذه الواقعة : بانَّ الشَّيخ كاشف الغطاء ما أنْ انفلت عن المنبر حتى عادت
الحياة إلى مجراها الطبيعي ، وأُعيد فتح الأسواق ، واُزيلت مظاهر الاضطراب والفوضى
من عموم المدينة وما جاورها ، وكانَّ شيئاً لم يكن ، وباءت تجارة المراهنين على
تمزيق هذه الاُمَّة وبعثرتها بالكساد والخسران.
٤ ـ موقفه من العادات
المنحرفة :
لا تخلو جميع المجتمعات البشرية من وجود
جملة متفاوتة من العادات الغريبة الشاذة والدخيلة التي يتشبَّث بها العوام ومعدومي
الثقافة من