إنَّ دعواتنا المتواصلة بوجوب فهم عقائد
الشِّيعة بشكل سليم ـ دون التقوقع في الحدود المصطنعة التي رسم ويرسم أبعادها
الاخرون ممَّن تدفعهم الى ذلك اغراض ومآرب خاصة ، أو ممَّن يعتمدون في ترتيب
أحكامهم على الفهم السطحي والساذج لتلك العقائد ـ هي أنجع المسالك في طريق السعي
نحو التقريب الذي كان ولا زال يدعو اليه المخلصون من رجال هذا الأُمَّة ، شيعة
وسنة ، عسى الله تعالى أنْ يلم شتات هذه الأُمَّة لتكون مصداق قوله سبحانه : ( خيرَ اُمَّةٍ اُخرِجَتْ لِلنَّاس تَأمُرونَ
بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُومِنونَ بالله ) .
واذا كان البعض ممن لا يروقه التصريح
ويتعمَّد المواربة والمخاتلة في الاشارة الى مواطن الداء التي أبتليت بها الاُمَّة
، تصوُّراً منه أنَّ ذلك أنجع الطرق المؤدية نحو التقريب والتقارب ، والوحدة
والتآلف ، فانَّ ذلك وهمٌ تصوًّره حالة الانخداع بالاختلاف المضخَّم والمبالغ فيه
من قبل مُروِّجي هذا الاختلاف والمزمِّرين له ، فيضطر المصلحون الى تجاوز هذه
العثرات دون تأمُّل ونظر باعتقاد كبر حجمها ، وتعاظم قدرها ، ويسير على منوالهم
الاخرون وهم يكتنزون في مخيلتهم اعتبار سعة الهوة ، وبعد المسافة بين الفريقين ، وذلك
هو أس الداء ، وأصل العلة.
نعم ، إنَّ ما يلتقي به الجميع هو اكبر
واعظم من أنْ نتجاوزه لنفترض استحالة الالتقاء والتقارب ، والاشارة المشخِّصة
لموطن الاختلاف ايسر سبيل لادراك ماهية ذلك الاختلاف ، وكيف يمكن أن نتجاوزه
وصولاً الى تلث الأمنية الغالية على قلوب المخلصين من هذه الأُمَّة المنهكة القوى
، والمستلبة العز والكرامة التي منحها اياه هذا الدين العظيم ، فتخاذلت عنه ،
__________________