الله عليه وآله دعا عن موته بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لا يضلون بعده ، فخالف عمر بن الخطاب حتى رفضها (١).
أقول : لنتجنَّب ما أمكننا الخوض في غمار الشجون والتأسُّف جهدنا ، ولنتسائل لعل في التساؤل والبحث عن الجواب تتحقق غاية مبتغي المعرفة ، وهو ما يريده المنصفون خلاصة لجهدهم :
١ ـ ما كان ذلك الكتاب الذي أغاض رسول الله صلىاللهعليهوآله اعراض بعض أصحابه عنه ، وجهدهم في منعه عن كتابته ، رغم ما صرَّح به من أنَّ الأمَّة لن تضل بعده أبداً؟ هل كان أحكاماً شرعية ، وقد ثبت أنَّ الرسول صلىاللهعليهوآله لم يدخر جهداً في توضيح كلُّ تلك الأحكام للمسلمين طيلة حياته ، ثم ما كان يمكن لتلك الصحيفة المحدودة أنْ تحويه من أحكام ، وفي تلك الساعات الأخيرة من حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله !! وكيف غفل هو صلىاللهعليهوآله عنها ـ طالما هي من الأهمية بهذا الشكل ـ طيلة حياته ليتذكرها في هذه اللحظات الأخيرة؟
٢ ـ لِمَ انبرى بعض الصحابة وعلى رأ سهم عمر بن الخطاب ـ كما تذكر ذلك المراجع المختلفة ـ إلى اتهام رسول الله صلىاللهعليهوآله بالهجر والهذيان مباشرة بعد مطالبته صلىاللهعليهوآله بتلك الصحيفة؟ أما كان يجب عليهم أنْ يستجيبوا للرسول الذي أمرهم الله تعالى بوجوب الانقياد إلى أوامره دون مراجعة ومعارضة ، أو على أدنى الاستجابة مسائلته بماهية ذلك الكتاب أمام الملأ الحاضرين؟
٣ ـ هل تأمَّل البعض مبلغ التوهين الذي مُنيَ به رسول الله صلىاللهعليهوآله من قِبل اولئك الصحابة ، حيث نبذوه ـ وهو المبلِّغ عن الله تعالى ،
__________________
(١) مسند أحمد ٣ : ٣٤٦.