هنا يُشدَّد النكير على المخالفين ، بل وحتى على المجتهدين قبالته.
ونحن هنا لسنا بمعرض تقليب الشجون ، ومحاكمة المتخلِّفين والمخالفين ، قدر ما توخينا منه اماطة القذى عن بعض العيون في تحاملها على الشِّيعة نتيجة تُبنّيها للنصوص المتواترة باستخلاف علي عليهالسلام.
وتجُّنباً للاسهاب لنتأمَّل ما أورده أصحاب الصحاح في متون كتبهم المختلفة حول هذه الواقعة ، ولنشرع أوّلاً برواية البخاري عن ابن عبّاس ، قال : لما حضر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفي البيت عمر بن الخطاب ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ، فقال عمر : إنَّ النبي قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله!!.
قال : فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قرَّبوا يكتب لكم النبي كتاباً لا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قاله عمر ، فلمّا كثر اللغو والاختلاف عند النبي صلىاللهعليهوآله قال لهم : قوموا عني. فكان ابن عبّاس يقول : إنَّ الرزية كلُّ الرزية ما حال بين رسول الله صلىاللهعليهوآله وبين أنْ يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم (١).
وفي صحيح مسلم وغيره برواية سعيد بن جبير : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي. فتنازعوا ، وما ينبغي عن نبي التنازع ، وقالوا : ما شأنه؟ أهجر!! استفهموه؟
فقال صلىاللهعليهوآله : دعوني ، فالذي أنا فيه خير (٢).
وامّا أحمد بن حنبل فقد روى في مسنده عن جابر قوله : أنَّ النبي صلى
__________________
(١) صحيح البخاري ٧ : ٢١٩|٣٠ ، وانظر كذلك : صحيح مسلم ٣ : ١٥٩|٢٢ ، مسند أحمد١ : ٣٢٤ ، البداية والنهاية ٥ : ٢٠٠.
(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧|١٦٣٧ ، وانظر كذلك : مسند أبي يعلى ٤ : ٢٩٨ ، مسند أحمد ١ : ٢٢٢ ، البداية والنهاية ٥ : ٢٠٠ ، تاريخ الطبري ٣ : ١٩٣.