هملاًَ ، فإنِّي أخشى عليهم الفتنة (١).
ألا تجد في ذلك الموقف ـ الذي نسبه ذلك البعض من اهمال رسول الله صلىاللهعليهوآله لامَّته حيرى مضطربة لا تاوي إلى مكان تستظل فيه ، ولا تجد مرفأ أمان تأوي اليه ـ تناقض صريح مع قول الله تبارك وتعالى في حق رسوله الكريم : ( لَقَدْ جاءَكُم رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بالمؤمنينَ رَؤُوفِّ رَحِيمٌ ) (٢).
نعم ، ألا يُعد الذهاب إلى هذا القول اساءة وتوهيناً لشخص الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله حتى يقال أنَّ عائشة وعبدالله بن عمر كانا أفقه منه واكثر ادراكاً لخطورة الأمر المترتِّب على ترك الأُمّة دون خليفة أو وصي!!.
بل وياليت هذا الامر انتهى عند هذين حتى يلتفت اليه ابن خلدون ليقول في مقدمته : فاستحال بقاؤهم فوضى دون حاكم يزع بعضهم عن بعض (٣).
فهل خفي كلُّ هذا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟! ثم الا يُعد هذا خطلاًَ من القول وسفهاً؟
هذا اذا تجاهلنا أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مبلِّغ عن الله تبارك وتعالى في هذه الرسالة العظيمة ، وأنَّ المرسِل جل وعلا أولى برعاية رسالته من الضياع والسقوط ، لعلمه المطلق بما يترتب عليه هذا الترك من تخبط واضطراب عظيمين ، فهل نرتضي لانفسنا نسبة هذا التفريط الى الباري عز وجل؟! انها بحاجة الى وقفة تأمل.
__________________
(١) الامامة والسياسة : ٢٣.
(٢) التوبة ٩ : ١٢٨.
(٣) مقدمة ابن خلدون : ١٨٧.