المتكررة صلىاللهعليهوآله بوجوب الوصية على المسلم والتشديد على المفرِّط فيها. هذا اذا أدركنا أنَّ المنية لم تعاجل رسول الله صلىاللهعليهوآله بل امتد به مرض الموت اياماً. فما معنى هذا التناقض بين الحالتين!!
ثم ألا يثير في النفس الاستهجان مما يقوله الذاهبون الى عدم وجوب الوصية ما يرويه مسلم في صحيحه بسنده عن ابن عمر ، من إنه قال : دخلت على حفصة فقالت : أعلمت أنّ أباك غير مستخلف؟
قال : قلت : ما كان ليفعل.
قالت : انه فاعل.
قال ابن عمر : فحلفت اني اكلمه في ذلك. فسكتُّ ، حتى غدوت. ولم اكلمه.
قال : فكنت كأنما احمل بيميني جبلاً. حتى رجعت فدخلت عليه ، فقلت له : إني سمعت الناس يقولون مقالةً فآليت ان اقولها لك ، زعموا أنَّك غير مستخلف ، وانَّه لو كان لك راعي إبل ، أو راعي غنم ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيَّع ، فرعاية الناس اشد (١).
بل وما يروى عن عائشة ايضاً في هذا المنحى من ارسالها إلى عمر عندما طُعن : لا تدع اُمَّة محمّد بلا راع ، استخلف عليهم ، ولا تدعهم بعدك
__________________
٢٣ ـ وفي غزوة خيبر استخلف صلىاللهعليهوآله عنه في المدينة سباع بن عرفطة.
٢٤ ـ وأعاد صلىاللهعليهوآله استخلافه عند خروجه في عمرة القضاء.
٢٥ ـ وأمّا عند خروجه صلىاللهعليهوآله في فتح مكة فإنَه استخلف أبا رهم الغفاري في المدينة.
٢٦ ـ ولمّا خرج صلىاللهعليهوآله في غزوة حنين كان أبو رهم خليفته في المدينة أيضاً.
٢٧ ـ وأمّا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقد خلفه عنه صلى الله عليه وآله في المدينة عند خروجه الى تبوك.
(١) صحيح مسلم ٣ : ١٨٢٣ (كتاب الامارة ، باب الاستخلاف وتركه ).