ثالثها
: أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد نصَّ بالاسم على خليفة له من بعده
بأمر من الله تبارك وتعالى ، وعلى الأُمة أنْ تستجيب لهذه المشيئة لأنَّها حكم
سماوي لا تأويل ولا اجتهاد ولا رد عليه إلّا من العاصين الخارجين عن تلك الارادة
المقدسة.
ولعلَّ الذهاب في مناقشة وبحث هذه
الآراء الممثِّلة لجملة المدارس الفكرية المنبعثة عنها يستلزم الكثير من المساحة
التي لا يسعنا قطعاً تحميل هذا الكتاب بها ، إلاّ ان ذلك لا يحول دون اللمحة او
الاشارة المتعجِّلة اليها.
فأقول مستعيناً بالله تعالى : إنَّ وجود
الوصي ضرورة حتمية يحكم بوجوبها العقل وحاجة المجتمع الاسلامي لقائد يسوسه ويدبِّر
شؤونه ، ويتولّى مواصلة النهج الذي اختطه الرسول الاكرم صلىاللهعليهوآله بكفاءه تتناسب ـ حتماً ـ وعظم هذه
الرسالة واهميتها والظروف المحيطة بها.
ولا يعتري أي عاقل شك في وجوب ذلك ، فإنَّ
ما تآلف عليه الناس منذ ظهور التجمعات البشرية ، وتبلور أبسط النظم الحياتية ، وجود
إمام أو رئيس يفوضون اليه اُمورهم ، ويفزعون اليه في تدبير شؤونهم ، لأنَّهم
يدركون بوضوح أنَّ خلو أي مجتمع من قائد أو إمام يفتح الباب على مصراعيه امام ذوي
المآرب الفاسدة والظلمة والمنحرفين ، فتضطرب أحوالهم ، وتختل موازين حياتهم ، ويفشو
فيهم الظلم والفساد وفعل القبيح ، بل وتنهار النظم التي كانت تحكم حياتهم ابان
وجود الحاكم السابق ، حتى يستقر الحال على أمر ما.
ومن هنا فإنَّ من اُولى المسلَّمات في
سياسات الحكّام والملوك والأُمراء ـ بل وحتى ذوي المسؤوليات المتواضعة ـ تنصيب
نائب ( أي خليفة ) تُناط به مسؤولية تولِّي شؤون ذلك الحاكم عند تغيُّبه أو وفاته
، لأنَّ ترك هذا