شيئاً فشيئاً ، دون أنْ يمتلكوا أمامها حيلة ولا سبيلاً.
حقاً ـ وهذا ممّا لا ريب به ـ إنَّ ذلك الخلل كان قد استشرى كثيراً في جسد هذه الأُمة التي تمتلك ـ وذلك ما تغص به الأفواه ـ كلُّ مقوِّمات الرقي والسمو ، بل وتُعد رسالتها هي المنهج العقائدي الوحيد القادر على انقاذ البشرية وانتشالها من وهدة الضياع والتغرُّب والانسلاخ عن رسالتها العظيمة التي خلقها الله تبارك وتعالى من أجلها.
بلى إنَّ ذلك الخلل الرهيب ـ بأبعاده المختلفة ـ كان يسري في جسد هذه الأُمَّة مترافقاً مع جوانب إلخير والعطاء التي أفاضتها شرِيعة السماء بأشكالها المتعددة ، فكان كالعلة التي لا يعيرها البعض اهتماماً حتى تودي به على حين غرة. فتقادم العصور والدهور ، واذكاء حالة الاستسلام أمام واقع الحال دون أي ردة فعل أو انكار ، بل والوقوف السلبي في بعض الأحيان ـ أو الحيادي في أحيان اُخرى ـ أمام دعوات التصحيح المخلصة ، كلُّ ذلك كان يشكِّل العنصر الداعم والمتسامح تجاه حالة السقوط هذه.
نعم ، ولعلَّ الكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم يمثِّل عينة واضحة مفردة تعكس ابتلاء الشِّيعة ـ وطوال قرون ودهور في ايضاح ورد الشبهات السقيمة والواهية التي ما انفك البعض كالببغاء لا يمل من تكرارها في كلُّ مناسبة وعلى كلُّ منبر ، اصراراً على المعاندة والمكابرة ، أو جهلاً ممجوجاً لا عذر فيه ، فكانت مواقفهم المردودة هذه تمثِّل وبوضوح رؤوس الفتنة الملعونة المبتغية زعزعة وخلخلة البنيان الاسلامي ، من خلال التمويه المقصود على الحقائق الواضحة التي لا يُعفى أحد من وجوب التعرُّف عليها وادراك مصداقيتها.
وأقول بعيداً عن المغالاة والتطرُّف : إنَّ الأمر الذي لا مراء فيه هو إنَّ التفاوت المنظور بين فرق المسلمين لا يشكِّل حالة مهولة تدفع العقلاء الى