تجد التراث الشيعي للكثير من علماء الشِّيعة ومتكلِّميها ، وطوال حقب متلاحقة ، تزدان به ما لا يحصى من المؤلَّفات والأسفار القيِّمة التي تبيِّن بوضوح لا خفاء فيه عقائد الشِّيعة ، وأدلتهم الشرعية التي يرتكزون عليها في صياغة احكامهم التي يتعبدون من خلالها ... وهذا التراث ـ بكلِّ ما فيه ـ لا يعسر على احد قراءته ومطالعته ، وادراك حقيقته ، وذاك اجدى لمن ابتغى الحقيقة لا سواها ، لأن السماع أو الركون لتقولات الآخرين ـ كما هو حال العديد من الباحثين في عصرنا الحاضر ، وهو ظاهرة سلبية مردودة ـ قد يؤدي إلى ايقاع الظلم بالآخرين دون حجة أو دليل يعتذر به ، لتعمُّد البعض قلب الحقائق وتزييفها لأغراض ومآرب غير خافية على أحد (١).
__________________
(١) الغريب أن تبلغ السذاجة أو الصلافة بالانسان حداً يتجاوز فيه كلُّ الحدود الشرعية والاخلاقية ، وتحشره مجرداً في زاوية حرجة ، وفي موقع مفضوح تجعل المرء معها يتساءل عن مدى الفائدة التي يجنيها هذا البعض من هذه التصرفات والمواقف الشاذة والمنحرفة المرتكزة على التقوُّلات والافتراءات الباهتة التي لابُدَّ وأنْ يظهر زيفها مع الأيام وعند الاستقصاء ، وعندها لا أدري بماذا يعتذر فنالك المبطلون ، سواء أكان ذلك في الدنيا أو يوم يقوم الحساب.
نعم هناك الكثير من هذه الموارد الدالَّة على انحراف أصحابها عن جادة الصواب ومنطق الحقِّ ـ من الذين لاتُفسَّر مواقفهم هذه إلا بأنَّها محاولات مسمومة لبعثرة الصف الاسلامي الواحد ـ أشار اليها بعض الباحثين والمتتبعين في بحوثهم ومؤلَّفاتهم ، كما أشرنا الى بعض منها في مقدمتنا التحقيقية لكتاب مكارم الاخلاق ، فراجع.
وأمّا ما نريد الاشارة اليه هنا فهو عينة صادقة عن خبايا تلك النفوس التي لا ترعوي أمام كلمة الحق ، ولا تخشى المساءلة يوم الحساب ، وبشكل تمجه النفوس ، وتزدريه العقول.
فقد عمد أحد الكتّاب المصطفين في خانة حاملي معاول تمزيق هذه الأمَّة باسم الدفاع عن حريمها زوراً وبهتاناً ، ويُدعى محمد مال الله في كتابه الموسوم بـ (موقف الشِّيعة من أهل السنًة) في الاصدار الأوَّل ممّا يسمى بدراسات في الفكر الشيعي الى التلاعب باحدى العبارات التي نقلها عن كتابنا هذا بصلافة عجيبة ، ووقاحة غريبة.
فقد ذكرِفي الصفحة ٢٨ من كتابه المذكور ، ما هذا نصّه : والبداء عند الشِّيعة : « أنْ يظهر ويبدو لله عزَ شانه أمر لم يكن عالماً به »!! انتهى.