وحفظاً ، كتابة وضبطاً ، فتطرق التحريف إلى مثل هذا الكتاب لا يمكن إلّا بقدرة قاهرة حتّى تتلاعب بالقرآن بالنقص ، ولم يكن للأمويّين ولا للعباسيّين تلك القدرة القاهرة ، لأنّ انتشار القرآن بين القرّاء والحفّاظ ، وانتشار نُسَخِه على صعيد هائل قد جعل هذه الأمنية الخبيثة في عداد المحالات.
إنّ للسيد الشريف المرتضى بياناً في المقام نأتي بنصه ، يقول : إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدت والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حد لم يبلغه غيره ، لأنّ القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتّى عرفوا كلّ شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً ومنقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟!