قال أبو القاسم : وحدّثنا هشام بن إسحاق وغيره ، قال : ثم دعا كاتبا يكتب بالعربيّة ، فكتب : لمحمد بن عبد الله من المقوقس. سلام. أما بعد فقد قرأت كتابك ... وذكر نحو ما ذكر لحاطب ، وزاد : وقد أكرمت رسولك ، وأهديت إليك بغلة لتركبها ، وبجاريتين لهما مكان في القبط ، وبكسوة. والسّلام.
وقال أبو القاسم أيضا : حدّثنا هانئ بن المتوكل ، حدّثنا ابن لهيعة ، حدّثني يزيد بن أبي حبيب ـ أن المقوقس لما أتاه الكتاب ضمّه إلى صدره ، وقال : هذا زمان يخرج فيه النبيّ الّذي نجد نعته في كتاب الله ، وإنا نجد من نعته أنه لا يجمع بين أختين ، وأنه يقبل الهديّة ، ولا يقبل الصّدقة ، وأن جلساءه المساكين ، ثم دعا رجلا عاقلا ثم لم يدع بمصر أحسن ولا أجمل من مارية وأختها ، فبعث بهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعث بغلة شهباء ، وحمارا أشهب ، وثيابا من قباطي مصر ، وعسلا من عسل بنها ، وبعث إليه بمال وصدقة ، وأمر رسوله أن ينظر من جلساؤه؟ وينظر إلى ظهره ، هل يرى شامة كبيرة ذات شعرات؟
ففعل ذلك ، فقدّم الأختين والدّابتين والعسل والثّياب ، وأعلمه أن ذلك كله هديّة ، فقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الهديّة ، ولما نظر إلى مارية وأختها أعجبتاه ، وكره أن يجمع بينهما ، فذكر القصّة ، وسيأتي في ترجمة مارية إن شاء الله تعالى.
قال : وكانت البغلة والحمار أحبّ دوابه إليه ، وسمّى البغلة دلدل ، وسمى الحمار يعفور ، وأعجبه العسل ، فدعا في عسل بنها بالبركة ، وبقيت تلك الثياب حتى كفّن في بعضها ، وكذا قال.
والصّحيح ما في الصّحيح في حديث عائشة أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كفّن في ثياب يمانية.
وذكر الواقديّ : حدّثنا محمد بن يعقوب الثقفي ، عن أبيه ، قال : حدّثنا عبد الملك بن عيسى ، وعبد الله بن عبد الرّحمن بن يعلي بن كعب الثقفيان ، وغيرهم ، كلّ حدّثني بطائفة من الحديث ، عن المغيرة بن شعبة ، في قصّة خروجهم من الطّائف إلى المقوقس بأنهم لما دخلوا على المقوقس قال لهم : كيف خلصتم إليّ ، ومحمّد وأصحابه بيني وبينكم؟ قالوا : لصقنا بالبحر. قال : فكيف صنعتم فيما دعاكم إليه؟ قالوا : ما تبعه منا رجل واحد. قال : فكيف صنع قومه؟ قالوا : تبعه أحداثهم ، وقد لاقاه من خالفه في مواطن كثيرة. قال : فإلى ما ذا يدعو؟ قالوا : إلى أن نعبد الله وحده ، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا ، ويدعو إلى الصّلاة والزّكاة ، ويأمر بصلة الرّحمن ، ووفاء العهد ، وتحريم الزّنا والرّبا والخمر. فقال المقوقس :