لأني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط ، فأما إن انطلقت أرسلته إليكم ٨ فإذا جاء ذاك فهو يوبخ العالم على خطية وعلى بر وعلى حكم ٩ أما على الخطية فلأنهم لم يؤمنوا بي ١٠ وأما على البر فلأني منطلق إلى الأب ولستم ترونني بعد ١١ وأما على الحكم فإن أركون هذا العالم قد دين ١٢ وإن لي كلاما كثيرا أقوله لكم ولكنكم لستم تطيقون حمله الآن ١٣ وإذا جاء روح الحق ذاك فهو يعلمكم جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده ، بل يتكلم بكل ما يسمع ويخبركم بما سيأتي ١٤ وهو يمجدني لأنه يأخذ مما هو لي ويخبركم ١٥ جميع ما هو للأب فهو لي. فمن أجل هذا قلت إن مما هو لي يأخذ ويخبركم». وأنا أقدم ، قبل بيان وجه الاستدلال بهذه العبارات ، أمرين : الأمر الأول : انك قد عرفت في الأمر السابع أن أهل الكتاب سلفا وخلفا عادتهم أن يترجموا غالبا الأسماء ، وأن عيسى عليهالسلام كان يتكلم باللسان العبراني لا باليوناني. فإذا لا يبقى شك في أن الإنجيلي الرابع ترجم اسم المبشّر به باليوناني بحسب عادتهم. ثم مترجمو العربية عربوا اللفظ اليوناني بفارقليط ، وقد وصلت إلى رسالة صغيرة في لسان أردو من رسائل القسيسين في سنة ألف ومائتين وثمان وستين من الهجرة وكانت هذه الرسالة طبعت في كلكته ، وكانت في تحقيق لفظ فارقليط ، وادّعى مؤلفها أن مقصوده أن ينبّه المسلمين على سبب وقوعهم في الغلط من لفظ فارقليط. وكان ملخص كلامه «ان هذا اللفظ معرّب من اللفظ اليوناني. فإن قلنا ان هذا اللفظ اليوناني الأصل پاراكلي طوس فيكون بمعنى المعزي والمعين والوكيل. وإن قلنا أن اللفظ الأصل پير كلوطوس يكون قريبا من معنى محمد وأحمد. فمن استدل من علماء الإسلام بهذه البشارة فهم أن اللفظ الأصل پير كلوطوس. ومعناه قريب من معنى محمد وأحمد ، فادّعى أن عيسى عليهالسلام أخبر بمحمد أو أحمد. لكن الصحيح أنه پاراكلي طوس». انتهى ملخصا من كلامه. فأقول ان التفاوت بين اللفظين يسير جدا ، وأن الحروف اليونانية كانت متشابهة. فتبدل پير كلوطوس بياراكلي طوس في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس. ثم رجّح أهل التثليث المنكرين هذه النسخة على النسخ الآخر. ومن تأمل في الباب الثاني من هذا الكتاب ، والأمر السابع من هذا المسلك السادس بنظر الانصاف ، اعتقد يقينا بأن مثل هذا الأمر من أهل الديانة من أهل التثليث ليس ببعيد ، بل لا يبعد أن يكون من المستحسنات. والأمر الثاني ، ان البعض ادّعوا قبل ظهور محمد صلىاللهعليهوسلم أنهم مصاديق لفظ فارقليط. مثلا منتنس المسيحي الذي كان في القرن الثاني من الميلاد وكان مرتاضا شديدا واتقى عهده ، ادّعى في قرب سنة ١٧٧ من الميلاد في آسيا الصغرى الرسالة ، وقال اني هو الفارقليط الموعود به الذي وعد بمجيئه عيسى عليهالسلام ، وتبعه أناس كثيرون في ذلك ، كما هو مذكور في بعض التواريخ. وذكر وليم ميور حاله وحال متبعيه في القسم الثاني من الباب الثالث من تاريخه بلسان اردو المطبوع سنة