وتحصنوا في حصونهم أمر بقطع نخيلهم ، وإحراقها ، فجزع أعداء الله عند ذلك ، وقالوا : زعمت يا محمد ، أنك تريد الصلاح ، أفمن الصلاح عقر الشجر المثمر ، وقطع النخل؟! وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض؟! فشق ذلك على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم ، وخشوا أن يكون ذلك فسادا ، فقال بعضهم : لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم : بل اقطعوا ، فأنزل الله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) الآية ، تصديقا لمن نهى عن قطعه ، وتحليلا لمن قطعه ، وأخبر أن قطعه ، وتركه بإذن الله».
الآية : ٩. قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
وأخرج الواحدي عن أبي هريرة قال : «أتى رجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، أصابني الجهد ، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا ، فقال : ألا رجل يضيّفه هذه الليلة يرحمهالله. فقام رجل من الأنصار فقال : أنا يا رسول الله ، فذهب إلى أهله ، فقال لامرأته : ضيف رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تدخريه شيئا. قالت : والله ما عندي إلّا قوت الصبية. قال : فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم ، وتعالي فاطفئي السراج ، ونطوي بطوننا الليلة ، ففعلت. ثم غدا الرجل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : لقد عجب الله ، أو ضحك من فلان ، وفلانة ، فأنزل الله تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ).
وأخرج مسدّد في (مسنده) ، وابن المنذر عن أبي المتوكل الناجي : «أن رجلا من المسلمين ... فذكر نحوه ، وفيه : أن الرجل الذي أضاف ثابت بن قيس بن شماس ، فنزلت فيه هذه الآية».