شاكرون ، ولصلاحك محبّون ، وإنهم بعثونا إليكم ، لنحذرك هؤلاء القوم الذين قدموا عليك ، لأنهم قوم رجل كذّاب خرج فينا يزعم أنه رسول الله ، ولم يتابعه منّا إلّا السفهاء ، وكنّا قد ضيّقنا عليهم الأمر ، وألجأناهم إلى شعب بأرضنا لا يدخل عليهم أحد ، ولا يخرج منهم أحد ، قد قتلهم الجوع ، والعطش ، فلما اشتد عليهم الأمر بعث إليك ابن عمه ، ليفسد عليك دينك ، وملكك ، ورعيتك ، فاحذرهم ، وادفعهم إلينا لنكفيكهم. قالوا : وآية ذلك أنهم اذا دخلوا عليك لا يسجدون لك ، ولا يحيونك بالتحية التي يحييك بها الناس ، رغبة عن دينك ، وسنتك. قال : فدعاهم النجاشي ، فلما حضروا صاح جعفر بالباب : يستأذن عليك حزب الله ، فقال النجاشي : نعم فليدخلوا بأمان الله ، وذمته. فنظر عمرو بن العاص إلى صاحبه ، فقال : ألا تسمع كيف يرطنون بحزب الله ، وما أجابهم النجاشي ، فساءهما ذلك ، ثم دخلوا عليه ، ولم يسجدوا له ، فقال عمرو بن العاص : ألا ترى أنهم يستكبرون أن يسجدوا لك!! فقال لهم النجاشي : ما يمنعكم أن تسجدوا لي ، وتحيوني بالتحية التي يحييني بها من أتاني من الآفاق؟! قالوا : نسجد لله الذي خلقك ، وملّكك ، وإنما كانت تلك التحية لنا ، ونحن نعبد الأوثان ، فبعث الله فينا نبيّا صادقا ، وأمرنا بالتحية التي نعتها الله لنا ، وهي السلام ، تحية اهل الجنة ، فعرف النجاشي أنّ ذلك حق ، وأنه في التوراة ، والانجيل. قال : أيكم الهاتف : يستأذن عليك حزب الله؟؟ قال جعفر : أنا. قال : فتكلم. قال : ملك من ملوك أهل الأرض ، ومن أهل الكتاب ، ولا يصلح عندك كثرة الكلام ، ولا الظلم ، وأنا أحبّ أن أجيب عن أصحابي ، فمر هذين الرجلين ، فليتكلم أحدهما ، وليسكت الآخر ، فتسمع محاورتنا ، فقال عمرو لجعفر : تكلم. فقال جعفر للنجاشي : سل هذا الرجل أعبيد نحن أم أحرار؟ فإن كنا عبيدا أيقنا