الضلالة ، ومعظمكم
مكفرون ، فكيف تسوموننا قبول أخباركم ؛ ولا نستريب في أنكم لا تقبلون خبرنا! ثم
الإجماع أحق أن يعمل به ، وقد انعقد على خلاف ما ادعيتم في عصر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ومن الإمامية من
استشعر الخزي وأيس من ادعاء النص القاطع الذي لا يحتمل التأويل ، وتشبث بأخبار
نقلها آحاد غير إثبات منها ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ومن كنت مولاه
فعلي مولاه» . قلنا : هذا من أخبار الآحاد ، ثم هو منكر للاحتمالات ؛ إذ
المولى من الأسماء المشتركة ، فقد يراد به الوليّ ، وقد يراد به الناصر ، وهو أظهر
معانيه. وقد يراد به المعتق. والمعني بالحديث من كنت ناصره فعليّ ناصره. والدليل
عليه أنه لم يخصص ذلك بما بعد وفاته ؛ بل قضى بما قاله ناجزا ؛ ولا شك أنه لم يكن
والي الأمر في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم. وقد كثر كلام الناس على هذا الحديث ، ومعظمه حشو ، وفيما
ذكرناه مقنع.
وربما يستروحون
إلى ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال لعليّ : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» . ولا حجة لهم في ذلك ؛ فإنه وارد على سبب مخصوص ، وهو أن
النبي صلىاللهعليهوسلم لما نهض لغزوة تبوك ، استخلف عليا رضي الله عنه على
المدينة ، وشقّ عليه تخلفه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فقال له الرسول ما قال ، وأنزله منزلة هارون من موسى في
الاستخلاف إذ مرّ موسى لميقاته ثم لم يل هارون أمرا بعد وفاة موسى بل مات قبله في
التّيه.
ثم نعارض ما ذكروه
بأخبار تداني النصوص في حق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؛ منها أنه صلىاللهعليهوسلم استخلف أبا بكر على الصلاة ، ثم قال : «يأبى الله
والمسلمون إلا أبا بكر» قاله ثلاثا ؛ وقال : «اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر
وعمر» . وليس من غرضنا نقل الأحاديث ، فستلقونها في الكتب.
ثم إذا بطل النص
لم يبق إلا الاختيار ، والدليل عليه الإجماع ، فإن الاختيار جري في أعصار ، ولم
يبد نكير من عالم على أصل الاختيار.
باب
في الاختيار وصفته وذكر ما تنعقد الإمامة به
اعلموا أنه لا
يشترط في عقد الإمامة الإجماع ، بل تنعقد الإمامة وإن لم تجمع الأمة على
__________________