القائم بالجوهر ،
كالألوان والطعوم والروائح ، والحياة والموت ، والعلوم والإرادات والقدر ، القائمة
بالجواهر.
ومما يطلقونه
الأكوان ؛ وهي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق ، ويجمعها ما يخصص الجوهر بمكان
أو تقدير مكان.
والجسم في اصطلاح
الموحدين المتألف ؛ فإذا تألف جوهران كانا جسما ، إذ كل واحد مؤتلف مع الثاني.
ثم حدث الجواهر
يبنى على أصول ؛ منها إثبات الأعراض ؛ ومنها إثبات حدثها ، ومنها إثبات استحالة
تعري الجواهر عن الأعراض ، ومنها إثبات استحالة حوادث لا أول لها. فإذا ثبتت هذه
الأصول ، ترتب عليها أن الجواهر لا تسبق الحوادث ، وما لا يسبق الحادث حادث.
فأما
الأصل الأول ، فقد أنكرته
طوائف من الملحدة ، وهو إثبات الأعراض ، وزعموا أن لا موجود إلا الجواهر. والدليل
على إثبات الأعراض أنا إذا رأينا جوهرا ساكنا ، ثم رأيناه متحركا مختصا بالجهة
التي انتقل إليها ، مفارقا للتي انتقل عنها ، فعلى اضطرار نعلم أن اختصاصه بجهته
من الممكنات وليس من الواجبات ، إذ لا يستحيل تقدير بقاء الجوهر في الجهة الأولى.
والحكم الجائز ثبوته والجائز انتفاؤه ، إذا تخصص بالثبوت بدلا عن الانتفاء المجوّز
، افتقر إلى مقتض يقتضي له الاختصاص بالثبوت ، وذلك معلوم أيضا على البديهة.
فإذا تقرر ذلك لم
يخل المقتضي من أن يكون نفس الجوهر ، إذ لو كان كذلك لاختص بالجهة التي فرضنا
الكلام فيها ما دامت نفسه ، ولاستحال عليه الزوال عنها والانتقال إلى غيرها ، فثبت
أن المقتضي زائد على الجوهر. ثم الزائد عليه يستحيل أن يكون عدما ، إذ لا فرق بين
نفي المقتضي وبين تقدير مقتض منفي. فإذا صح كون المقتضي ثابتا زائدا على الجوهر ،
لم يخل من أن يكون مثلا له أو خلافا. ويبطل أن يكون مثلا له فإن مثل الجوهر جوهر ،
ولو اقتضى جوهر اختصاصا لجوهر غيره بجهة لاستحال اختصاصه بتلك الجهة ، مع تقدير
انتفاء الجوهر الذي قدر مقتضيا ، وليس الأمر كذلك. ثم ليس أحد الجوهرين بأن يكون
مقتضيا اختصاصا أولى من الثاني.
فإذا ثبت المقتضي
الزائد على الجوهر ، وتقرر أنه خلافه ، لم يخل من أن يكون فاعلا مختارا ، أو معنى
موجبا ، فإن كان معنى موجبا ، تعين قيامه بالجوهر المختص بجهته ، إذ لو لم يكن له
به اختصاص لما كان بإيجابه الحكم له أولى من إيجابه لغيره. والذي وصفناه هو الغرض
الذي ابتغيناه.
وإن قدّر مقدّر
المخصص فاعلا ، والكلام في جوهر مستمر الوجود ، كان ذلك محالا ؛ إذ الباقي لا يفعل
، ولا بد للفاعل من فعل. فخرج من مضمون ذلك ثبوت الأعراض ؛ وهو من أهم الأغراض في
إثبات حدث العالم.
والأصل
الثاني ، إثبات حدث
الأعراض ، والغرض من ذلك يترتب على أصول. منها إيضاح