(١٤) فهذه صفته (ص) وأخلاقه المشهورة ، وخلقته الطّاهرة ، وفخره الباذخ ؛ ولا يدفع ذلك الّا مباهت ؛ لأنّ قريش (١) والعرب وسائر الأمم الذين شاهدوه ، عرفوه بذلك ، واعترفوا به ؛ فهو (ص) جمع هذه الخصال كلّها ، وفاق النّاس أجمعين فيها ؛ وحقّ له أن يكون كذلك ، وقد اختاره الله عزوجل من جميع ولد آدم من أوّل الدهر إلى آخره ، وفضّله عليهم أجمعين ، وأعطاه من القوّة الشّديدة والنّصرة الظّاهرة والغلبة القاهرة والملك العالى على جميع الممالك فى الدّنيا ، ما لم يعطه أحدا من عباده ؛ ومضى (ص) من الدّنيا ، وقوّته باقية فى العالم ، تزداد على مرّ الأيّام ؛ وما أعدّ الله فى آخرته ، فأكبر درجات وأكبر تفضيلا.
(١٥) فان قال قائل : إنّه قد كان فى الدّنيا ، من كان أشدّ قوّة فى ملكه وسلطانه ، وأظهر غلبة (٢) ، مثل الاسكندر وغيره من ملوك الارض ، قلنا : هؤلاء ملكوا فى عصرهم وغلبوا فى دهرهم (٣) ، فلمّا ماتوا ، زال ذلك عنهم ؛ ورسم محمد (ص) باق (٤) إلى الابد ، وعزّه وشرفه متّصل بالقيامة. وكذلك كان سبيل موسى وعيسى (ع) وإن لم يبلغا منزلة محمّد (ص) فإنّهما جمعا الخصال الجميلة ، وكان كل واحد منهما أكمل أهل زمانه ، وأجمعهم لكلّ أمر يحتاج إليه الامام فى سياسة النّاس دينا ودنيا ، كما ظهر من موسى (ع) من الافعال العظيمة والآيات العجيبة. وإن كان الملحدون ينكرونها ، فانّهم لا يقدرون على (٥) أن يطعنوا فى عقله ، واستحكام فهمه ، وحسن تمييزه ، وكمال تدبيره ؛ لانّ أفعاله العظيمة التى كانت منه ، لا تتم إلا لكامل (٦) عقل (٧) مؤيّد حازم : فانّه
__________________
(١) ـ قريش : قريشاAC ـ (٢) ـ غلبة : عليه C (٣) ـ فى دهرهم : ـ A (٤) ـ باق : باقى C (٥) ـ على : ـ ABC (٦) ـ لكامل : الكامل A (٧) عقل : العقل ABC