خرج من مصر وانقذ بنى إسرائيل من عبوديّة فرعون ، وهم ستّمائة ألف رجل بالغ سوى النّساء والذّراري ، بما أعطاه الله من القوّة ولطف (١) له من التّدبير ، وعبر بهم البحر. فاتّبعهم فرعون بجنوده (٢) ، حتّى كان من أمره ما كان. ثم ساسهم أربعين عاما فى المهامة (٣) والقفار تلك السّياسة (٤) العجيبة ، مع تلوّنهم والتيائهم عليه ومع ما (٥) امتحن به من أمور عظيمة كانت منهم. فقدموه مع ذلك كله على أنفسهم ، وملك ذلك الجمع العظيم ، وأقام فيهم الأمر والنّهى ، وأقرّوا له بالنّبوّة لما رأوا منه من الآيات. وكان هارون (٦) أخوه أكبر سنّا منه ، وكان وجيها فيهم مبجّلا عندهم عظيما فى صدورهم ، فقدّموا موسى (ع) عليه (٧) ، لتقديم الله عزوجل إيّاه بالنّبوّة.
(١٦) فان أنكر الملحدون (٨) نبوّته ، وقالوا (٩) : إنّ ذلك بحيلته (١٠) ودولته ، قلنا : فان أنكرتم نبوّته ، هل تنكرون عقله؟ وهل يجوز أنّ ذلك الجمع العظيم من بنى إسرائيل قدّموه وانقادوا له إلا لفضل كان فيه ، وقوّة (١١) عظيمة ، وكمال رأى ، ووفور عقل؟ وأن من يجوّز (١٢) حيله على ذلك الخلق الكثير حتى يملك (١٣) رقابهم ويجعلهم (١٤) تحت طاعته ويقرّوا (١٥) له بالنّبوّة ، لا يجوز (١٦) أن يكون مطعونا (١٧) عليه فى عقله وكماله وفضله؟ ولا يجوز أن يقدّموا على أنفسهم معتوها ناقصا مجنونا ، من غير جدوى ينالونها (١٨) منه من أعراض الدنيا. ولا يوجب المعقول (١٩) ،
__________________
(١) ـ ولطف : فلطف B (٢) ـ بجنوده : بجنودA (٣) ـ المهامة : المهامةA (٤) السياسة : السياسات B (٥) ـ ما : ـ B (٦) ـ هارون : هردون AC ـ (٧) ـ عليه : ـ B (٨) ـ الملحدون : الملحدBC ـ (٩) قالوا : قال B (١٠) بحيلته : بحيلةAC ـ (١١) ـ وقوة : قوةA (١٢) ـ يجوز : تجوزC (١٣) يملك : تملك C (١٤) ـ يجعلهم : تجعلهم C (١٥) يقروا : يقوواA (١٦) لا يجوز : ولا يجوزC (١٧) مطعونا : مطنوعاB (١٨) ـ ينالونها : ينالونه ABC (١٩) المعقول : العقول AB