يعرفه ولم يجربه؟ ونقول : انه لا بد ان تكون المعرفة بطبائع هذه العقاقير ، أصلها من رجل واحد ، أو من جماعة. فان كانت من جماعة فسبيلها ما قد ذكرنا.
(٤) فان قال قائل : إن قوما اجتمعوا فى دهر واحد واتفقوا هذا الاتفاق ولحقوا هذه المعرفة ، فقد أورد ما لا تقبله العقول ؛ لأنّه غير ممكن أن يكون قوم يتفرّقون فى هذه البلدان فى مشارق الأرض ومغاربها ، فيلحق (١) كل واحد معرفة شيء منها ممّا فى ذلك البلد ، وسبيلهم ما قد ذكرنا ، ثم يجتمعوا ويجمعوها ويتّفقوا ، ثم لا يلحقهم (٢) موت ولا شيء من آفات الدنيا حتى يحكموا ذلك. هذا خلف جدا.
(٥) وإن ادّعى (٣) أن قوما بعد قوم عرفوا ذلك بطباعهم فى دهور شتّى وأزمنة مختلفة ، ثم جمعوها بعد ذلك ، فهذا أمحل (٤) ، لأنّ الدّواء الواحد الّذي يخلط من خمسين لونا من العقاقير ، لا يجوز أن يكون اجتمعت (٥) على معرفتها الآراء من قوم شتّى فى دهور مختلفة وأزمنة متفاوتة ، قد لحق كل رجل معرفة شيء فى دهر ما (٦) ، جاء ، ثم جاء آخر فى دهر آخر ، فيدرك معرفة شيء آخر ، ثم تجتمع الآراء على ذلك الخلط الواحد الّذي هو من الخمسين لونا ولا يقع فيه شيء (٧) من الخلاف. هذا أنكر من الباب الاوّل. فان زعم (٨) أنّ رجلا واحدا عرف هذه الطبائع وعاش وعمّر حتى جال الدّنيا ووقف عليها ، مع اختلاف أجناسها على ما وصفنا ، فهذا أبعد من العقول. وهل يقدر أحد أن يجرّب هذه العقاقير كلّها دون أن يمتحن جميع (٩)
__________________
(١) ـ فيلحق : فلحق B (٢) ـ لا يلحقهم : يلحقهم A (٣) ـ وان ادعى : وقال C (٤) ـ امحل : محل B (٥) ـ اجتمعت : اجتمع ABC (٦) ـ فى دهر ما : ـ C (٧) فى دهر ... لا شيء : ـ A (٨) ـ فان زعم : ـ C (٩) ـ جميع : ـ A