الشّجر والنّبات ، ثمرها وورقها وعروقها وغير ذلك ويمتحن (١) جميع الحيوان من الوحش والسّباع والبهائم والطّير ودوابّ الماء والهوامّ وغير ذلك ، حتى يعرف الضّارّ من النّافع والمستعمل من المهمل من لحومها ومن مرارتها وسائر أعضائها ، وأبوالها (٢) وأحشائها ، وحتى يعرف الخصوصيّات التى فيها؟ فأى عقل لا ينكر هذا ، وأى عقل يصغى إليه ويقبله؟ وهؤلاء (٣) الذين أدركوا معرفة طبائع هذه (٤) العقاقير بالطّعوم والأراييح ، جماعة كانوا أم واحدا (٥)؟ فى دهر واحد كانوا ، أم فى دهور مختلفة؟ وهبهم (٦) صبروا على ذوق هذه القذارات (٧) التى ذكرناها من الأبوال والأحشاء وغير ذلك على نتنها وكراهة شمّها وذوقها كيف يسلمون (٨) من سمومها القاتلة لأنّ منها ما هو سم ساعة. وقد (٩) رأينا (١٠) حشيشة تنبت فى صحارينا ، إذا أكلها من لا يعرفها ، قتلته على المكان ؛ ومثل ذلك كثير؟ فأين فى العالم من يقدر على إدراك طبائع هذه الأشياء بالطعوم والأراييح (١٢) وبالطّبع والإلهام؟ وأين (١١) فى زماننا (١٣) من أدرك (١٤) من ذلك فيحكم بالشّاهد على الغائب؟ أو ليس من يدّعى هذا ، هو مسلوب العقل عازب الفهم؟ أو ليس من يصغى إليه ولا ينكره ، هو أعمى قلبا منه وأضلّ سبيلا؟
ولعمرى إن قوما من المتّسمين بالفلسفة قد ادّعوا مثل هذه التّرّهات وكذبوا على الحكماء القدماء وعلّفوا عليهم الخرافات التى لا تليق بهم ؛ فقالوا : إنّ أفلاطن (١٥) دخل فى جبال تكون فى الشّمال حيث لا ترى الشّمس
__________________
(١) ـ الشجر ... ويمتحن : ـ A (٢) ـ ابوالها : ابوابهاA (٣) ـ هؤلاء : وان C (٤) هذه : + الطبائع هذه : A (٥) أم واحدا : امر واحدC (٦) ـ وهبهم : هبهم B (٧) ـ القذارات : القذرات BC ـ (٨) ـ يسلمون : يسلمواABC (٩) ـ وقد : ـ C (١٠) رأينا : لان C (١١) ـ واين : فاين AB (١٢) والأراييح : والروائح A ، فالارائح C (١٣) زماننا : ازمانناA (١٤) من أدرك : ـ A (١٥) ـ افلاطن : افلاطون B