ذاقوا بول الانسان وغائطه ، فعرفوه بالذّوق والشّم وعلموا بالطّبع والاستدراك عمل كل شيء من هذه الأجناس وكيف يدبّ فى العروق ، حتى يؤدّى كل دواء فعله إلى الدّاء الّذي عمل له فى أعلى البدن وأسفله وداخله وخارجه ، بعد (١) ان يصير الى المعدة ويختلط (٢) بالدّم فيصير شيئا واحدا ، ثم يتفرق من المعدة فى الأعضاء والعروق التى هى مجرى الدم؟ فهل يجوز أن يحكم أن قوما تعاونوا وجالوا فى الدّنيا بأبدان صحيحة وأعمار طويلة حتى عرفوا هذه الأشياء بعد أن جمعوها وجرّبوها بالذّوق والأراييح ، فأدركوا طبائعها بالطّبع والالهام كما ادّعاه الملحد ، ثم اتّفقوا فلم يختلفوا فى شيء من ذلك ؛ لأن هذا إن كان من جماعة تعاونوا على ذلك ، لا بدّ أن يقع فى شيء منها خلاف ، فكان لا ينتظم أمر هذا النظام الّذي نراه فى باب العقاقير من اتفاق الأطباء عليه واهل المعرفة بالطبائع ولو اجتمعوا أيضا فى بلد واحد وجمعوا هذه العقاقير عندهم ، فكيف مع تباين ما بين هذه البلدان وصعوبة الأمر فى جميع هذه العقاقير وتجربتها من غير معرفة تقدمت من المجربين لها ولا أصل يرجعون إليه؟
(٣) فان زعم (٣) أن أهل كلّ بلد جرّبوا ما ببلدهم وعرفوها ، ثم نقلت من بلد الى بلد وجمعت ، قلنا (٤) : هذا غير جائز لأنّه لا يظهر علمها الا بعد أن تجمع وتخلط. فكيف (٥) يعرف أهل كل بلد ما فى بلدهم على الانفراد ، قبل أن تجمع وتخلط ، وكيف عرفوا مقدار كل شيء فى بلدهم على الانفراد (٦) من غير أن يعرف مقدار شكله وخلطه الّذي هو فى بلد آخر وهو لم
__________________
(١) ـ بعد : وبعدC (٢) ويختلط : فيخلط (٣) ـ فان زعم : فقال C (٤) ـ قلنا : ـ C (٥) ـ فكيف : وكيف AC ـ (٦) ـ قبل ... الانفراد : ـ A