كما أنّ الاوّل (١) خلقه (٢) خالق اللّغات وخالق الخلق كلّه ، وأنّ الله علّمه على سبيل الوحى. فان كان إلهاما ، فهو من الله عزوجل وهو جنس من الوحى. وليس له (٣) بد من الرجوع إلى قول أصحاب الشّرائع : إنّ بدء تعلّم الأشياء كلّها من الله جلّ ذكره (٤) ، بوحى منه إلى أنبيائه (ع) ثم علموها النّاس. كما قد ذكر أنّ بابل سمّيت بابل لأنّ الألسن تبلبلت فيها بعد خروج نوح من السّفينة ، لأنّ ولد نوح ومن كان معه فى السّفينة تفرقوا فى البلدان ، وتكلم كل واحد منهم (٥) بلغة ما ، فأخذ (٦) أولادهم عنهم اللّغات ، وأنّ ذلك الواحد فى كلّ بلد (٧) علّمه الله إيّاها. فان كان الهاما ، فهو وحى من الله عزوجل وهو تعلّم منه. وإن كان تعلّم من ملك ، فهو أيضا وحى من الله عزوجل ، وهو تعلّم منه ؛ لانّ الأنبياء (ع) تفاوتت (٨) مراتبهم وفضّل الله بعضهم على بعض درجات : فمنهم من أتاه (٩) الملك بالوحى وتراءى له حتى عاينه ، ومنهم من رأى الملك بروحه ، كما أنّ محمّدا (ص) كان يأتيه جبرئيل (ع) فى أوقات فى صورة إنسان وفى أوقات كان يغفو إذا أتاه الوحى ثم يفيق فيتلو ما أوحى الله (١٠) ، ومنهم من يقذف فى قلبه فيكون ذلك الهاما وتأييدا من الله عزوجل ووحيا منه (١١) ؛ ومنهم (١٢) من يوحى إليه فى منامه ، ومنهم من ينظر فى الشيء (١٣) فيعتبر به ويلقى الله فى روعه (١٤) ويعلمه ما فى ذلك الشيء من النفع والضر كما ذكرنا فى قصة المسيح (ع) انه كان لا يمر بحجر ولا شجر (١٥) الّا وكان يكلمه. والوحى من الله عزوجل إلى أنبيائه (ع) على هذه الجهات كلها ؛
__________________
(١) كان ... الاول : ـ C (٢) ـ خلقه : ـ A (٣) ـ له : ـ A (٤) ـ جل ذكره : ـ A (٥) ـ منهم : ـ A (٦) فاخذ : تاخذB (٧) ـ كل بلد : بلداB (٨) ـ تفاوتت : تتفاوت C (٩) ـ اتاه : + من الله B (١٠) ـ الله : إليه C (١١) ومنهم ... وحيا منه : +A ـ (١٢) ـ منهم : منه C (١٣) ـ الشى : شى C (١٤) روعه : اوعه A (١٥) ـ شجر : بشجرA