يوحى إليهم كيف يشاء على حسب درجاتهم.
(٧) فان قال قائل : إنّ النّاس (١) يلهمون أشياء وإنّهم يرون (٢) فى منامهم أشياء ، قلنا : الالهام يكون على ثلاثة أوجه : فما كان يوحى من الله عزوجل صحّ ما يتكلّم به من يلهمه الله ويظهر صدق قوله وحكمته فيما ينطق به من ذلك الالهام ، واذا صحّ علمنا أنّه من الله ، كما ذكر الله عزوجل : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) إلى قوله : (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) ، ثم قال : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٧) ؛ فهذا كان إلهاما من الله عزوجل ، وصحّ (٤) لأنّ الله ردّ موسى إليها وجعله من المرسلين. ومنه ما يكون توفيقا من الله عزوجل للصّالحين من عباده ، فيما يأتون ويذرون من أمور دينهم ودنياهم. ومنه إلهام يكون من وساوس النّفس ، مثل كلام هؤلاء الموسوسين الذين ليس لكلامهم نظام (٥) ولا حقيقة ، وهو من جهة الطّبيعة وخفّة الدّماغ (٦) وتغوية الشّيطان على ذلك. فهذا سبيل الالهام.
وكذلك الرؤيا تكون على وجوه : فالذى يراه الأنبياء (ع) فى منامهم ، لا يبطل بتّة بتّة ، ولا يحتاج إلى عبارة (٧) ، واذا رأوا شيئا كان ذلك الشّيء بعينه ؛ فهذا ما خصّوا به. ثمّ يشتركون مع النّاس ، فرّبما رأوا فى منامهم شيئا يحتاج إلى التّأويل ؛ وسبيله سبيل سائر المنامات التى يراها الناس ممّا إذا عبّر كانت له حقيقة ؛ وهذا جنس من الرّؤيا يشترك الأنبياء (ع) مع سائر الناس فى ذلك ، ويخصّون بالنّوع الآخر الّذي قد ذكرناه. ومن الرّؤيا ما يكون من جهة الطبيعة ، ومنها (٨) ما يكون من بقايا الفكر ؛ فهذان النّوعان لا حقيقة لهما ، والأنبياء (ع) منزّهون (٩) عن هذه الرؤيا ؛ وهى (١٠) التى
__________________
(١) ـ الناس : اللباس A (٢) يرون : يروون A (٣) ـ المرسلين : ـ A (٤) عز ... صح : ـ A (٥) ـ نظام : نظامهم A (٦) الدماغ : ـ B (٧) ـ عبارة : عبادةB (٨) ـ منها : منه ABC (٩) ـ منزهون متنزهون A (١٠) هى : ـ C