فمن ذا الّذي أحدثها ، وقسر النّفس عليها؟
فلما انتهى الكلام إلى هاهنا ، ضحك ختن التّمار شامتا به ، وكان يحضر هذه المناظرات ، فيظهر الشّماتة به
إذا انكسر ، لما كان بينهما من الخلاف فى قدم العالم وحدثه . فلما ضحك متعجّبا لما أورده ، خجل الملحد من ضحكه ، وأقبل عليه وقال له :
وأىّ مقدار للدّهرى حتى يستهزئ ويضحك ويسيء أدبه! دع عنك الضحك ، وتكلّم على مذهبك من القول بالدّهر وقدم العالم ، لأعرّفك مقدارك. قال له ختن التّمار : الآن بعد أن افتضحت وانكسرت ولم يقنعك حتّى ضرّطت القاضى وفضحته عند الأمير وأوردت
هذا السّخف وهذه الحجة
الباردة ، أقبلت تسفّه عليّ وتستريح إلى
مخاصمتى؟! دعنى ومذهبى ، وأجب الرجل ؛ فليس هذا مما يعينك ويخلصك من هذه
الفضائح والدّعاوى الباطلة التى تمخرق بها على النّاس.
وبقيا ساعة فى نحو هذا التّشاتم وانقطع الكلام.
وانّما ذكرت هذه الحكايات لتعرف ـ رحمك الله ـ ما كان عليه
الملحد من الاعتقاد الضّعيف والرّأى السّخيف ؛ ثمّ يصنّف بعقله المدخول ورأيه المأفون كلاما فى إبطال النّبوّة ، ويورد ذلك