فمن ذا (١) الّذي أحدثها ، وقسر النّفس عليها؟
فلما انتهى الكلام إلى هاهنا (٢) ، ضحك ختن التّمار شامتا به ، وكان يحضر هذه المناظرات ، فيظهر الشّماتة به إذا انكسر ، لما كان بينهما من الخلاف فى قدم العالم وحدثه (٣). فلما ضحك متعجّبا لما أورده ، خجل الملحد من ضحكه ، وأقبل عليه وقال له : وأىّ (٤) مقدار للدّهرى (٥) حتى يستهزئ ويضحك ويسيء أدبه! دع عنك الضحك ، وتكلّم على مذهبك من القول (٦) بالدّهر وقدم العالم ، لأعرّفك مقدارك. قال له ختن التّمار : الآن (٧) بعد أن افتضحت وانكسرت ولم يقنعك حتّى ضرّطت القاضى وفضحته عند الأمير وأوردت هذا السّخف (٨) وهذه الحجة الباردة ، أقبلت تسفّه (٩) عليّ وتستريح إلى مخاصمتى؟! دعنى ومذهبى ، وأجب الرجل ؛ فليس هذا مما (١٠) يعينك (١١) ويخلصك من هذه الفضائح والدّعاوى الباطلة التى (١٢) تمخرق بها على النّاس.
وبقيا ساعة فى نحو هذا (١٣) التّشاتم وانقطع الكلام.
وانّما ذكرت هذه الحكايات لتعرف ـ رحمك الله ـ ما كان عليه الملحد من الاعتقاد الضّعيف والرّأى السّخيف ؛ ثمّ يصنّف (١٤) بعقله المدخول ورأيه المأفون (١٥) كلاما فى إبطال النّبوّة ، ويورد ذلك
__________________
(١) ـ ذا : ـ B ، فى : C (٢) ـ هاهنا : هاهناA ، هاهنى C (٣) ـ حدثه : جدثه C (٤) ـ واى : واين A (٥) للدهرى : للدهريين A ، للزهرى C (٦) ـ القول : القبول A (٧) ـ الآن : الاC (٨) ـ السخف : الخف A (٩) تسفه : تسعه A (١٠) ـ مما : ماC (١١) ـ يعينك : يغنيك B (١٢) التى : ـ B (١٣) ـ هذا : هذه C (١٤) ـ يصنف : يضيف C (١٥) ـ المأفون : الحافون A ، المأفول B