حيث نص الله ورسوله على عدالتهم ، فهل بعد تعديل الله عزوجل رسوله صلىاللهعليهوسلم تعديل؟!! فأقول ولله الحمد والمنّة :
قال الإمام النّوويّ : الصّحابة كلهم عدول ، من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتدّ به(١).
قال إمام الحرمين : والسّبب في عدم الفحص عن عدالتهم أنهم حملة الشّريعة ، فلو ثبت توقّف في روايتهم لانحصرت الشّريعة على عصره صلىاللهعليهوسلم ولما استرسلت سائر الأعصار.
قال أبو زرعة الرّازيّ : إذا رأيت الرّجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاعلم أنه زنديق ، وذلك أنّ الرسول حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة ، وهؤلاء الزّنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسّنّة فالجرح بهم أولى.
قال ابن الصّلاح : «ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصّحابة ومن لابس الفتن منهم ، فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتدّ بهم في الإجماع إحسانا للظّنّ بهم ، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر ، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشّريعة» (٢).
قال الخطيب البغداديّ في الكفاية» مبوبا على عدالتهم : ما جاء في تعديل الله ورسوله للصّحابة ، وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم ، وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتّصل إسناده بين من رواه وبين النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ، ويجب النّظر في أحوالهم سوى الصّحابي الّذي رفعه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم ، وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن.
والأخبار في هذا المعنى تتّسع ، وكلها مطابقة لما ورد في نصّ القرآن ، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصّحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم ، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم ، المطّلع على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق له (٣).
وقال الإمام مالك : من انتقص أحدا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فليس له في هذا الفيء حق ، قد قسم الله الفيء في ثلاثة أصناف فقال : __________________
(١) التقريب ٢١٤ مع التدريب.
(٢) الحديث والمحدثون ١٢٩ ، ١٣٠.
(٣) الكفاية ٤٦ ، ٤٨.