المشركون ، حين قيل لهم : اسجدوا للرحمن ، فقالوا : (وَمَا الرَّحْمنُ).
وهكذا ، تلتقى السورتان في أكثر من موضع ، لقاء تطابق أو تكامل.
قوله تعالى :
(طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) .. هو مثل قوله تعالى : (الر .. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) (يوسف).
وقوله تعالى : (المر .. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) (الرعد).
وقوله تعالى : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (إبراهيم).
وقوله سبحانه : (الر .. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) (الحجر).
وقد قلنا ، إن هذه الحروف التي بدئت بها تلك السور ، هى إشارة إلى مادة القرآن الكريم ، وأنها من هذه الحروف ، التي تتألف منها الكلمات ، والعبارات ، التي يحتويها قاموس اللغة العربية ، ويتعامل بها اللسان العربي .. وأن هذه المقاطع من الحروف مبتدأ ، وما بعدها خبر.
وقوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) ـ هو ردّ على المشركين ، الذين قالوا في هذا القرآن : (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) فإن الأمر ليس في حاجة إلى افتراء .. فمادة هذا الكلام هي بين يدى كلّ عربى ، وكلماته ، وعباراته ، تجرى على ألسنتهم .. فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من صياغة الكلمات والعبارات التي هي ملك مشاع للعرب جميعا ، فليفعلوا هذا ، متفرقين ، أو مجتمعين ، وليأتوا بمثل هذا النظم القرآنى ، وهم أرباب البيان ، وفيهم الشعراء والخطباء .. هذه هي آيات الكتاب المبين ، فى معرض التحدي .. فهل من مبارز؟ وأين الأبطال في هذا الميدان؟.