فقد كانت سورة الفرقان معرضا لمقولات المشركين الحمقاء الطائشة ، فى رسول الله ، وفي القرآن الكريم .. ثم كانت مقولتهم حين دعوا إلى أن يسجدوا للرحمن ، فأنكروا الرحمن!وقالوا : (وَمَا الرَّحْمنُ؟) ثم كان ختام السورة كاشفا عن الغاية التي خلق من أجلها الإنسان ، وهي عبادة الله والتسبيح بحمده .. وأن هؤلاء المشركين لم يستجيبوا لله ، ولم يؤمنوا به ، وكذبوا رسوله وإذن فهم في عداد السّقط ، الذي لا يؤبه له ، ولا يحسب له حساب.
وقد جاء بدء سورة الشعراء ، متلاقيا مع هذه المعاني التي ضمّت عليها سورة الفرقان ..
فأولا : فى قوله تعالى : (طسم ، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) ـ هو ردّ على قول المشركين ، فى سورة الفرقان : (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ...)
وثانيا : قوله تعالى (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ـ هو نتيجة لازمة لما تضمنه قوله تعالى ، فى ختام سورة الفرقان : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) .. أي أنه لا وزن ولا حساب لمن لا يؤمن به ، ولا يقيم وجهه عليه ، إنه شىء تافه ، لا يحرص على الإمساك به ، ولا يحزن على فقده .. وهؤلاء المشركون وقد رضوا لأنفسهم أن يكونوا على هذا الوصف فإنهم لا يستحقون منك ـ أيها النبي ـ هذا الحرص الشديد على هدايتهم ، ولا هذا الأسى المضنى على ما هم فيه من ضلال .. فإنك لو نظرت إليهم حسب وضعهم عند الله بين المخلوقات ، لوجدتهم في منزلة دون منزلة الهوام والحشرات .. فكيف تهلك نفسك أسى على هلاكهم وضياعهم.
وثالثا : فى قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) ـ توكيد لتلك الصفة من صفات الله ، التي أنكرها