الجبال ، ولي قضاء دمشق مدة بعد قضاء طرابلس ، وسمع الحديث من جماعة. قال الأسدي في شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة : وفي يوم الخميس حادي عشرة لبس القاضي شهاب الدين بن الحبال قضاء الحنابلة ، وذلك بعد ان اشترط شروطا منها : أن لا يركب مع القضاة إلى دار السعادة ، وينكر المنكر من كل أحد كائنا من كان ، فأجيب إليها على ما قيل ، وذلك بمساعدة علم الدين بن الكويز كاتب السر ، وجاء إلى الجامع وليس معه من القضاة أحد ، ثم ذهب إلى الصالحية ، ثم بلغني بعد ذلك أنه كتب له توقيع وقريء بالجامع بالصالحية ، واستناب اثنين أحدهما قاضي بعلبك الحنبلي وشخصا آخر يقال له جمال الدين يعقوب ، كان شاهدا ببعلبك فجاء معه فولاه نيابته ، وانفصل القاضي عز الدين البغدادي ، ثم بلغني انه سعى له أن يرتب له على الجوالي بمصر كل يوم نصف دينار ، وهذا قدر كثير بالنسبة إلى الفلوس بمصر انتهى. وكان إذ ذاء السلطان الملك المظفر أحمد بن المرحوم الملك المؤيد قد وصل من مصر إلى قلعة دمشق ومعه أمه سعادات بنت صرغتمش دخلت معه من باب السروهي حامل ومعها الأمير الكبير ططر.
قال شيخنا برهان الدين بن مفلح : وكان القاضي شهاب الدين مهابا معظما عند الخاص والعام ، شديد القيام على الأتراك وغيرهم وللناس فيه اعتقاد ، وحكى الشاب التائب (١) للشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة رحمهالله تعالى أن أهل طرابلس يعتقدون فيه الكمال ، بحيث أنه لو جاز ان يبعث الله نبيا في هذا الزمان لكان هو. وكان قد كبر وضعف وزال بصره في آخر عمره ، وكان مواظبا على الجمعة والجماعة والنوافل دائما انتهى. وقال الأسدي : في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة وفي رابع عشره جاء الخبر إلى دمشق بعزل القاضي شهاب الدين ابن الحبال وولاية القاضي نظام الدين بن مفلح وهو بالقاهرة بحكم ان ابن الحبال عمي ، وأراني القاضي كمال الدين بن البارزي كاتب السرفتاوى المصريين في
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ١٩٨.