قال الحافظ شهاب الدين بن حجي : ولم يكن بالمرضي في شهاداته ولا قضائه وباع كثيرا من الاوقاف بدمشق ، قيل أنه ما بيع في الاسلام من الاوقاف ما بيع في أيامه ، وقل ما وقع منها شيء صحيح في الباطن ، وافتتح على الناس بابا لا يسد أبدا ، ولما جاء تمرلنك دخل معهم في أمور منكرة ، ونسب إليه أشياء قبيحة من السعي في أذى الناس وأخذ أموالهم ، توفي في المحرم منها ودفن بسفح قاسيون ، ثم تولى عنه القضاء شيخ الحنابلة هو إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج الأرمني الأصل المقدسي ثم الدمشقي الامام العلامة الفقيه رئيس الحنابلة برهان الدين وتقي الدين أبو إسحاق ، مولده سنة تسع وأربعين وسبعمائة ، وحفظ كتبا عديدة وأخذ عن جماعة ، منهم والده وجده قاضي القضاة جمال الدين المرداوي ، وقرأ على القاضي بهاء الدين السبكي رحمهمالله تعالى ودرس بدار الحديث الأشرفية وبالصالحية وغيرهما ، وصنف كتاب (فضل الصلاة على النبي) صلىاللهعليهوسلم ، وكتاب (الملائكة) ، و (شرح المقنع) ، و (مختصر ابن الحاجب) ، وعدم غالبها في فتنة تمرلنك ، وله كتاب (طبقات اصحاب الامام أحمد) رضي الله تعالى عنه احترق غالبها ، وناب في الحكم مدة للقاضي علاء الدين علي ابن المنجا وغيره ورافقه في النيابة لعلاء الدين علي المذكور شيخ الحنابلة علاء الدين علي بن اللحام (١) ، وانتهت إليه في آخر عمره مشيخة الحنابلة ، وكان له ميعاد بمحراب الحنابلة بالجامع الأموي بكرة يوم السبت ، ثم ولي القضاء مستقلا في شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة ، وتأخر بدمشق لما جاء تمر لنك وخرج إليه ومعه جماعة ، وجرى له ولأهل دمشق منه أمور وتفاقم الأمر ، وحصل له تشويش في بدنه من بعضهم ، وتألم إلى ان توفي يوم الثلاثاء سابع عشرين شعبان سنة ثلاث وثمانمائة ، ودفن تحت رجلي والده بالروضة ، ثم ولي القضاء بعده الشيخ الامام قاضي القضاة تقي الدين أبو العباس أحمد بن القاضي صلاح الدين محمد بن محمد بن المنجا ابن محمد بن عثمان بن أسعد بن محمد بن المنجا التنوخي رحمهالله تعالى ، حصل ودأب ، وكان له مهابة ومعرفة ، وذهن مستقيم ، وناب في الحكم لأخيه
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ٣١.