الى ان ولي القضاء بعد قاضي القضاة جمال الدين المذكور قبله في شهر رمضان سنة سبع وستين وسبعمائة ، فباشره مباشرة لم يحمد فيها ، وكان عنده مداراة وحب للمنصب ، ووقع بينه وبين الحنابلة من المرادرة وغيرهم. قال ابن كثير رحمهالله تعالى : لم تحمد مباشرته ولا فرح به صديقه بل شمت به عدوّه وباشر القضاء دون اربع سنين إلى أن مات وهو قاض ، ذكره الذهبي في المعجم المختص والحسيني في ذيله كيف كان ذلك ولعل الحسيني ذكره في معجم له أو مشيخته كما سبق وقال فيه مفتي الفرق سيف المناظرين ، وبالغ ابن رافع وابن حبيب في مدحه ، وكان فيه مزح وانكات في البحث ، ومن انشاده وهو بالقاهرة المحروسة رحمهالله تعالى :
الصالحية جنة |
|
والصالحون بها أقاموا |
فعلى الديار وأهلها |
|
مني التحية والسلام |
وقال أيضا رحمهالله تعالى :
نبيّي أحمد وكذا امامي |
|
وشيخي أحمد كالبحر طامي |
واسمي أحمد وبذاك ارجو |
|
شفاعة احمد الرسل الكرام |
وكان يحفظ كما قيل عنه نحو عشرين الف بيت شعر ، وله رحمهالله تعالى اختيارات في المذهب. منها : اختار أن النزول عن الوظيفة تولية وهي مسألة تنازع فيها هو والقاضي برهان الدين الزرعي ، وأفتى كل منهما بما اختاره ، وله مصنفات منها ما وجد في الفائق ، ومنها كتاب في أصول الفقه وشرح المنتقى ولم يكمله ، توفي رحمهالله تعالى بمنزله بالصالحية يوم الثلاثاء رابع عشر رجب سنة احدى وسبعين وسبعمائة ، وصلي عليه بعد الظهر بالجامع المظفري ودفن بمقبرة جده الشيخ ابي عمر رحمهالله تعالى وشهده جمع كثير ، ثم تولى بعده القاضي الإمام العالم العلامة علاء الدين أبو الحسن علي ابن قاضي القضاة صلاح الدين محمد بن محمد بن المنجا ابن عثمان بن اسعد بن المنجا التنوخي المعري الدمشقي ، مولده سنة خمسين وسبعمائة بعد وفاه عمه قاضي القضاة علاء الدين