ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١))
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : «يدفع» «ولو لا دفع الله» بغير ألف وهذا على مصدر «دفع» وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ : «إن الله يدافع» بألف «ولو لا دفع» بغير ألف ، وهذا على مصدر «دافع» والمعنى : يدفع عن الذين آمنوا غائلة المشركين بمنعهم منهم ونصرهم عليهم. قال الزّجّاج : والمعنى : إذا فعلتم هذا وخالفتم الجاهليّة فيما يفعلونه من نحرهم وإشراكهم ، فإنّ الله يدفع عن حزبه ، وال «خوّان» فعّال من الخيانة ، والمعنى : أنّ من ذكر غير اسم الله ، وتقرّب إلى الأصنام بذبيحته ، فهو خوّان.
قوله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ : «أذن» بفتح الألف. وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وأبو بكر ، وحفص عن عاصم : «أذن» بضمّها. قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائيّ ، وأبو بكر عن عاصم : بكسر التاء. وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : بفتحها.
(١٠٠٩) قال ابن عباس : كان مشركو أهل مكّة يؤذون أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقول لهم : «اصبروا ، فإنّي لم أومر بالقتال» حتى هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله هذه الآية ، وهي أول آية أنزلت
____________________________________
(١٠٠٩) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٢١ وفي الوسيط ٣ / ٢٧٣ نقلا عن المفسرين. ولم أره مرفوعا صريحا.
وقال الحافظ في «تخريجه» ٣ / ١٦٠ : لم أجده هكذا ، وعزاه الواحدي في الوسيط للمفسرين اه. فالمراد بقول ابن حجر : «لم أجده هكذا» أي مسندا. وقد ورد نحوه من مرسل قتادة أخرجه الطبري ٢٥٢٦١. وورد نحوه من مرسل مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم كما قال الحافظ في «تخريجه» ٣ / ١٦٠ ، فهذه الروايات واهية لا يحتج بشيء منها ، والصواب أن الآية مدنية. والحديث الصحيح يؤيد ذلك. وهو ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أخرج النبي صلىاللهعليهوسلم من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ليهلكن فأنزل الله (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) الآية فقال أبو بكر : لقد علمت أنه سيكون قتال. أخرجه الترمذي ٣١٧١ والنسائي في «السنن» ٦ / ٥٢ و «التفسير» ٣٦٥ وأحمد ١ / ٢١٦ والحاكم ٢ / ٦٦ ـ ٩٤٦ ـ ٣٩٠ والطبري ٢٥٢٥٤ و ٢٥٢٥٥ والطبراني ١٧ / ١٢٣ والبيهقي في «الدلائل» ٢ / ٢٩٤ من طرق عن الثوري عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به ، وهذا إسناد على شرط البخاري ومسلم. وأخرجه الطبري ٢٥٢٥٦ من طريق قيس بن الربيع عن الأعمش به. وأخرجه الحاكم ٣ / ٧ من طريق شعبة عن الأعمش به. فهذه ثلاث طرق عن الأعمش فيها وصل الخبر. وورد مرسلا ، أخرجه الترمذي ٣١٧٢ والطبري ٢٥٢٥٣ عن الثوري عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير ، وهذا مرسل ، لكن القول قول من وصله لأنه زيادة جماعة الثقات. والموصول صححه الحاكم على شرطهما ، ووافقه الذهبي. وله شواهد مراسيل تعضده. فقد أخرجه الطبري ٢٥٢٥٩ و ٢٥٢٦٠ عن مجاهد مرسلا.
وورد من مرسل قتادة ، أخرجه برقم ٢٥٢٦٢ ، فهذه الروايات تشهد لأصل الموصول المتقدم. وانظر «فتح القدير» للشوكاني ١٦٧٩ و «أحكام القرآن» لابن العربي ١٥١٣.