سورة الصّافّات
وهي مكّيّة كلّها بإجماعهم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥))
قوله تعالى : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) فيها قولان : أحدهما : أنها الملائكة ، قاله ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وقتادة والجمهور. قال ابن عباس : هم الملائكة صفوف في السماء ، لا يعرف ملك منهم من إلى جانبه ، لم يلتفت منذ خلقه الله عزوجل. وقيل : هي الملائكة تصفّ أجنحتها في الهواء واقفة إلى أن يأمرها الله تعالى بما يشاء. والثاني : أنها الطّير ، كقوله تعالى : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) (١) ، حكاه الثّعلبي. وفي الزّاجرات قولان : أحدهما : أنها الملائكة التي تزجر السّحاب ، قاله ابن عباس والجمهور. والثاني : أنها زواجر القرآن وكلّ ما ينهى ويزجر عن القبيح ، قاله قتادة. وفي التّاليات ذكرا ثلاثة أقوال : أحدها : أنها الملائكة تقرأ كتب الله تعالى ، قاله ابن مسعود والحسن والجمهور. والثاني : أنهم الرّسل ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس. والثالث : ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم ، قاله قتادة. وهذا قسم بهذه الأشياء ، وجوابه : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ). وقيل معناه : وربّ هذه الأشياء إنّه واحد.
قوله تعالى : (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) قال السّدّيّ : المشارق ثلاثمائة وستون مشرقا ، والمغارب مثلها ، على عدد أيام السّنة. فإن قيل : لم ترك ذكر المغارب؟
فالجواب : أنّ المشارق تدلّ على المغارب ، لأنّ الشّروق قبل الغروب.
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠))
قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) يعني التي تلي الأرض ، وهي أدنى السّموات إلى الأرض (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، والكسائيّ : «بزينة الكواكب» مضافا ، أي : بحسنها وضوئها. وقرأ حمزة ، وحفص عن عاصم : «بزينة» منوّنة وخفض «الكواكب» فجعل
__________________
(١) النور : ٤١.