تقول : أحمق بلغ وبلغ أي نهاية في الحماقة ، وقيل : معناه يبلغ ما يريد وإن كان أحمق.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٦٤)
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) «من» زائدة للتوكيد. (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) «أنّ» في موضع رفع أي لو وقع هذا (لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) أي قابلا لتوبتهم وهما مفعولان لا غير.
(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٦٥)
(فَلا وَرَبِّكَ) خفض بواو القسم وهي بدل من الباء لمضارعتها إياها وجواب القسم (لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) نصب بحتى وعلامة النصب حذف النون. وقرأ أبو السمّال. (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) (١) بإسكان الجيم وهذا لحن عند الخليل وسيبويه (٢) لا تحذف الفتحة عندهم لخفّتها. ورواه عروة بن الزبير عن أخيه عبد الله عن أبيه قال : خاصمني رجل من الأنصار إلى النبي صلىاللهعليهوسلم في ماء كنّا نسقي منه جميعا فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «اسق يا زبير ثم خلّ لجارك ، فقال الأنصاريّ : يا رسول الله أن كان ابن عمّتك. فتلوّن وجه النبيصلىاللهعليهوسلم» (٣). قال الزبير : ولا أحسب هذه الآية نزلت إلّا فيه (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) وبغير هذا الإسناد أن الأنصاري حاطب بن أب بلتعة.
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (٦٦)
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ضممت النون لالتقاء الساكنين واختير الضم لأن التاء مضمومة ، وإن شئت كسرت على الأصل ، وكذا (أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ) على البدل من الواو ، وأهل الكوفة يقولون : على التكرير ما فعلوه ما فعله إلّا قليل منهم وقرأ عبد الله بن عامر وعيسى بن عمر ما فعلوه إلّا قليلا منهم نصبا (٤)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٣ / ٢٩٦ ، وقال : «وكأنه فرّ من توالي الحركات ، وليس تعوي لخفّة الفتحة بخلاف الضمة والكسرة».
(٢) انظر الكتاب ٤ / ٢٣١.
(٣) أخرجه البخاري ٥ / ٣٤ في المساقاة باب سكر الأنهار (٣٣٥٩) و (٤٥٨٥) ، ومسلم في الفضائل ٤ / ١٨٢٩ ، وذكره في البحر المحيط ٣ / ٢٩٦.
(٤) انظر تيسير الداني ٨٠.