(٢)
شرح إعراب سورة البقرة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم) (١)
من ذلك قوله عزوجل : (الم ...) مذهب الخليل وسيبويه (١) في «الم» وما أشبهها أنها لم تعرب لأنها بمنزلة حروف التهجّي فهي محكيّة ولو أعربت ذهب معنى الحكاية وكان قد أعرب بعض الاسم ، وقال الفراء : (٢) إنما لم تعرب لأنك لم ترد أن تخبر عنها بشيء ، وقال أحمد بن يحيى (٣) : لا يعجبني قول الخليل فيها لأنك إذا قلت : زاي فليست هذه الزاي التي في زيد لأنك قد زدت عليها. قال أبو جعفر : هذا الرّدّ لا يلزم لأنك لا تقدر أن تنطق بحرف واحد حتى تزيد عليه. قال ابن كيسان : «الم» في موضع نصب بمعنى اقرأ «الم» أو عليك «الم» ويجوز أن يكون موضعه رفعا بمعنى : هذا الم أو هو أو ذاك. ثم قال عزوجل :
(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢)
(ذلِكَ) فيه ستة أوجه : يكون بمعنى هذا ذلك الكتاب ، فيكون خبر هذا ويكون بمعنى «الم ذلك» هذا قول الفراء (٤) أي حروف المعجم ذلك الكتاب واجتزئ ببعضها من بعض ، ويكون هذا رفعا بالابتداء و (الْكِتابُ) خبره ، والكوفيون يقولون : رفعنا هذا بهذا وهذا بهذا ، ويكون «الكتاب» عطف البيان الذي يقوم مقام النعت و (هُدىً)
__________________
(١) انظر الكتاب ٣ / ٢٨٤.
(٢) انظر معاني الفراء ١ / ٩.
(٣) أحمد بن يحيى ثعلب : إمام الكوفيين في النحو واللغة ، حفظ كتب الفرّاء ، ولازم ابن الأعرابي بضع عشرة سنة واعتمد عليه في اللغة ، وعلى سلمة بن عاصم في النحو. صنّف : المصون في النحو ، واختلاف النحويين ، ومعاني القرآن ، معاني الشعر ، القراءات ، التصغير ، الوقف والابتداء ، الهجاء ، الأمالي ، غريب القرآن ، وغيره (ت ٢٩١ ه). ترجمته في : (بغية الوعاة ١ / ٣٩٦ ، وطبقات الزبيدي ١٥٥).
(٤) انظر معاني الفراء ١ / ١٠.