على الاستثناء. والرفع أجود عند جميع النحويين ، وإنّما صار الرفع أجود لأن اللفظ أولى من المعنى وهو يشتمل على المعنى. (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) أي في الدنيا والآخرة. (وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) في أمورهم و «تثبيتا» على البيان.
(وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) (٦٧)
أي ثوابا في الآخرة.
(وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٦٨)
أي طريقا إلى الجنة.
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٦٩)
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) شرط والجواب (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ) اتباع الأنبياء (وَالشُّهَداءِ) الذين قاموا بالقسط وشهدوا لله جلّ وعزّ بالحقّ ، وقيل : المقتولون في سبيل الله ، وقيل : إنما سمّي المقتول شهيدا لأنه شهد لله جلّ وعزّ بالحق وأقام شهادته حتى قتل ، وقيل لأنه شهد كرامة الله جلّ وعزّ : وفيه قول ثالث أنه يشهد على العباد بأعمالهم يوم القيامة ، ويقال : إن الشهداء عدول يوم القيامة. وقرأ أبو السّمّال العدويّ (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (١). قال أبو جعفر : وهذا جائز لنقل الضمة ، وقال الأخفش «رفيقا» نصب على الحال وهو بمعنى رفقاء ، وقال الكوفيون : هو نصب على التفسير لأن العرب تقول : حسن أولئك من رفقاء وكرم زيد من رجل ، ودخول «من» يدلّ على أنه مفسّر ذلك الفعل.
(ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) (٧٠)
(ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) ابتداء وخبر أي ذلك الثواب العظيم تفضل من الله جلّ وعزّ لأنه قد أنعم عليهم في الدنيا فقد كان يجوز أن يكون ذلك النعيم بأعمالهم وفي الحديث «لا يدخل الجنة أحد بعمله» (٢) ففيه جوابان : أحدهما هذا وأنه مثل الآية ، والجواب الآخر أنه قد كانت لهم ذنوب وقد كان يجوز أن يجعل العمل جزاء الذنوب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) (٧١)
(فَانْفِرُوا ثُباتٍ) على الحال. الواحد ثبة ، ويقال لوسط الحوض : ثبة ، وربما توهّم
__________________
(١) هي لغة تميم كما في البحر المحيط ٣ / ٣٠١ ، وانظر مختصر ابن خالويه (٢٦).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢ / ٢٥٦ و ٣ / ٤٩٤.