(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٥٩)
(ذلِكَ خَيْرٌ) ابتداء وخبر. (وَأَحْسَنُ) عطف على خير. (تَأْوِيلاً) على البيان.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) (٦٠)
(يُرِيدُونَ) في موضع نصب على الحال. (أَنْ يَتَحاكَمُوا) مفعول. (إِلَى الطَّاغُوتِ) قد ذكرنا قول الضحاك (١) : أنه يراد به كعب بن الأشرف وهذا عند أهل اللغة كلّ ما عبد من دون الله ، ويروى أن تحاكمهم إلى الطاغوت أنهم كانوا يجيلون القداح فإذا أخرج القدح المكتوب عليه افعل أو لا تفعل قالوا قد حكم الطاغوت علينا ؛ بهذا يفعلون هذا بين يدي الأصنام. (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ) أي بذلك (ضَلالاً بَعِيداً) محمول على المعنى أي فيضلون ضلالا بعيدا ومثله (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧) [نوح : ١٧].
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) (٦١)
(يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) اسم للمصدر عند الخليل والمصدر الصدّ والكوفيون يقولون : هما مصدران.
(فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً) (٦٢)
(فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) أي من ترك الاستعانة بهم وما يلحقهم من الذلّ نحو (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) [التوبة : ٨٣]. (ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ) حال ، (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً) «إن» بمعنى «ما».
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) (٦٣)
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) ابتداء وخبر. (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي لا تقبل عذرهم. (وَعِظْهُمْ) خوّفهم العقاب. (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) أي من الوعيد يبلغ منهم. وقد بلغ الرجل بلاغة ورجل بليغ يبلغ بلسانه كنه ما في قلبه ، والعرب
__________________
(١) انظر إعراب آية ٥١ ـ النساء.