وإذا علـم أنّ الطالب محـتاجٌ دخـله على الصالح بـن رزيك ، فعلم ابن رزيك أنّـه جاء في مثوبةٍ فيقوم لذلك الرجل بجمـيع ما يحتاج إليه ، وكان لا يطأ لـه على بساط ، ولا يـزده أكثر من السلام في باب داره ، وكان ابن رزيك (١) يبجّله ويعظّمه ، ويقول : يقولون ما ساد من بني حام إلاّ اثنان ، لُقْمان وبلال ، وأنا أقول : ثالثهم.
وقيـل : إنّ ريـحان هذا ، عبـدٌ تفقّه ، ما نام إلاّ جالساً ، ولا جلس قطّ إلاّ على رجلَيْه ، وأنّه ما ذكر النار إلاّ وأخذه دمعٌ منها. وكان سريع الدمعة ، كثير الحبّ لآل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، خفيفُ الرفْض (٢).
قال ابن حجر : تفقّه على علي بن عبـد الله بن كامل ، روى عنه شاذان ابن جبريل ..
قال ابن أبي طيّ : قال لي أبي : كان الفقيه ريحان من أحفظ الناس ، وقيل : كان يصوم كثيراً ، ولا يأكل إلاّ طعام يعلم أصله ، وكان ابن رزيك يعظّمه ويحترمه ، كان بعد الخمسين وخمسـمائة (٣).
____________
(١) قال الذهبي في ترجمة ابن رزيك : الأرمني ، ثمّ المصري ، الشيعي ، الرافضي ، أبو الغارات ، وزير الديار المصريّة ، الملقّب بالملك الصالح ..
كان والياً على الصعيد ، فلمّا قتل الظاهر ، سيَّر أهل القصر إلى ابن رزيك واستصرخوا به ، فحشد وأقبل وملك ديار مصر ، واستقلّ بالأُمور.
وكانت ولايته في سنة ٥٤٩ ، وكان أديباً ، شاعراً ، سمحاً ، جواداً ، محبّاً لأهل الفضائل ... وله أشعار كثيرة في أهل البيت تدّل على تشيّعه وسوء مذهبه ، حتّى قال الشـريف الجوانـي : كان في نصـر المذهب كالسـكّة المُحْمّاة ، لا يفرى فرية ، ولا يبارى عبقريّة ، وكان يجمع العلماء من الطوائف ، ويُناظرهم على الإمامة.
تاريخ الإسلام السنوات ٥٥١ ـ ٥٦٠ / ١٩٨.
(٢) تاريخ الإسلام السنوات ٥٥١ ـ ٥٦٠ / ٣٤٧ ـ ٣٤٩ رقم ٣٨٦.
(٣) لسان الميزان ٣ / ١١٩ رقم ٣٤٣٥.