إن الذين نفوا
السجع من الأشاعرة ، نتج ذلك عن فهم خاطئ منهم لحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أسجعا كسجع
الكهّان» .
وأن الباقلانى أنكر
السجع لمناصرته المذهب ، ونسى أو تناسى أن المقصود ذم السجع المتكلّف لا السجع
عامة.
وقد تصور أن السجع
من الكلام ، يتبع المعنى فيه اللفظ ، الذى يؤدى السجع وليس الأمر كذلك وهذا نوع من
السجع رديء ، لا يقع إلا فى كلام الضعفاء ، ومنه نوع آخر يقع منه اللفظ موقعه
الرائع ، وهو مع ذلك تابع للمعانى ، وكلام بلغاء الجاهلية وفصحاء الاسلام وأحاديث
الرسول صلىاللهعليهوسلم تشير إلى ذلك بوضوح.
ويتمحل الباقلانى
العلل الواهية. لنفى السجع من القرآن كقوله «لو كان الذى فى القرآن على ما
تقدّرونه سجعا لكان مذموما مرذولا ، لأن السجع إذا تفاوتت أوزانه ، واختلفت طرقه
كان قبيحا من الكلام ، وللسجع منهج مرتب محفوظ وطريق مضبوط ، متى أخل به المتكلم
وقع الخلل فى كلامه ونسب إلى الخروج عن الفصاحة ... فلو كان ما تلا عليهم من
القرآن سجعا لقالوا : نحن نعارضه بسجع معتدل فنريد فيه الفصاحة على طريقة القرآن
ويتجاوز حده فى البراعة والحسن» وفوق ما فى كلامه هذا من خطأ وتهافت «فإن فيه هفوة أخرى إذ
حكّم قواعد البلاغة فى القرآن ، مع أن القرآن هو الأساس الذى يجب أن تحاكم إليه
قواعد البلاغة ، وأن تجرى على سننه ووفق أحكامه» .
وفكرة السجع عند
الرمانى لم تسلم هى أيضا من مناقشة النقاد لها. فأبو هلال العسكرى بالرغم من أنه
لم يصرح بالسجع فى القرآن ولم ينفه إلا أنه لم ير رأى الرمانى فى الأسجاع ، وعنده أن سجع
الناس غير سجع القرآن . وابن سنان الخفاجى ، يناقش الرمانى ، فى حديث طويل ، ما
ذهب إليه فى أن السجع
__________________