عيب ، ومضمون رأيه يقول فيه «وأما الفواصل التى فى القرآن فإنهم سمّوها فواصل ، ولم يسمّوها أسجاعا ، وفرّقوا ، فقالوا أن السجع هو الذى يقصد فى نفسه ثم يحمل المعنى عليه ، والفواصل التى تتبع المعانى ولا تكون مقصورة فى أنفسها ، وقال على بن عيسى الرمانى ، إن الفواصل بلاغة والسجع عيب ، وعلّل ذلك بما ذكرناه من أن السجع تتبعه المعانى والفواصل تتبع المعانى ، وهذا غير صحيح ، والذى يجب أن يحرّر فى ذلك أن يقال : إن الأسجاع حروف متماثلة فى مقاطع الفصول على ما ذكرناه ، والفواصل على ضربين ، ضرب يكون سجعا ، وهو ما تماثلت حروفه مع المقاطع ، وضرب لا يكون سجعا ، وهو ما تقابلت حروفه فى المقاطع ولم تتماثل ، ولا يخلو كل واحد من هذين القسمين ، أعنى التماثل والتقارب ـ من أن يكون يأتى طوعا سهلا ، ونابعا للمعانى ، وبالضد من ذلك حتى يكون متكلّفا يتبعه المعنى ، فإن كان من القسم الأول فهو المحمود الدال على الفصاحة وحسن البيان ، وإن كان من الثانى فهو مذموم مرفوض. فأما القرآن فلم يرد إلّا ما هو من القسم الأول المحمود لعلوه فى الفصاحة ، وقد وردت فواصل متماثلة ومتقاربة فمثال المتماثلة ... الخ (١).
وتابع ابن سنان فى ذلك ابن حمزة العلوى (٢) وابن الأثير (٣).
وأخيرا ، فقد قلنا ان الباقلانى نادى بفكرة النظم ، وهناك صلة بينها وبين رأى الجاحظ. ونقول أن هناك صلة أخرى ربطت رأى الباقلانى ـ فى الإعجاز برأى الرمانى فى جانب من الجوانب.
نقرأ فى رسالة الرمانى رأيه فى إعجاز القرآن قائلا «أما البلاغة على ثلاث طبقات منها ما هو فى أعلى طبقة ، ومنها ما هو فى أدنى طبقة ، ومنها ما هو فى الوسائط بين أعلى طبقة وأدنى طبقة ، فما كان فى أعلاه طبقة ، فهو المعجز ، وهو بلاغة القرآن ، وما كان منها دون ذلك فهو ممكن كبلاغة البلغاء من الناس ، وليست البلاغة إفهام المعنى ... الخ وإنما البلاغة إيصال المعنى إلى القلب فى
__________________
(١) ابن سنان الخفاجى ـ سر الفصاحة ١٦٥.
(٢) ابن حمزة العلوى ـ الطراز ـ ٣ / ١٩ و ٢٠.
(٣) ابن الأثير ـ المثل السائر ـ ٢٧١.