مهمة المساجد في المفهوم الإسلامي
ما المعنى الذي يختزنه المسجد والجوّ الذي يحتويه؟ وما هي صفة الرجال الذين يمثلون مجتمع المسجد في ما يقولون ويفعلون؟ وما هي النتائج التي تترتب على ذلك؟
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) وهي المساجد التي جعلها الله مكانا لعبادته ، وأراد لخلقه أن يرفعوها في العمران الذي تقوم به أعمدتها ويرتفع به سقفها ، وفي العبادة التي أراد الله أن ترتفع أرواح عباده بها إليه ، فتعرج إليه في مواقع العبودية ، وفي آفاق الصفاء والشروق والنقاء .. وهكذا يريد الله أن ترتفع البيوت بالمعاني الروحية الصافية التي تبني للإنسان إنسانية ، وتحرّك دوافعه الإيمانية في الحياة ، وتوحي له بالمعاني الخيّرة التي تجعل منه إنسان الخير لا إنسان الشرّ.
تلك هي مهمة المساجد في المفهوم الإسلامي ، أن تكون حضنا لروح الإنسان ومصنعا لبناء شخصيته ، ومنطلقا لتأصيل أهدافه ، وخطا لتحريك خطواته ، وموقعا للبدايات التي يحدد على أساسها خط السير إلى غاياته .. وذلك من خلال أجواء الذكر والدعاء والخشوع والتلاوة والصلاة ..
وليس مهمتها تجسيد الفن والإبداع الإسلامي وتمثيل معاني الجمال ، وتحريك الذوق من خلال إبداع الزخرفة وجمال الهندسة وفخامة البناء ، وهي مظاهر عظمة مادية بحتة يحاول الكثيرون تأكيدها في أماكن العبادة الإسلامية ، لأن الإسلام يريد أن يشمل المسجد البساطة والعفوية التي لا تشغل الإنسان عن انطلاقه الروحي بين يدي الله ، في ما توحي به الزخرفة من شواغل البصر التي تشغل الفكر والشعور.