وقد جاءت هذه الآيات لتتحدث عن موضوعين مهمّين في هذا المجال ، وهما موضوع النظر ، وإظهار الزينة ، لما لهما من تأثير على إثارة المشاعر الغريزية ، فإن النظرة قد تعكس الانجذاب الغريزي ، فهي تغذي الخيال ، وتثير الريبة ، وتحرّك الأحاسيس في اتجاه الانحراف ، لأن ما يراه الإنسان من صور قريبة من الحسّ ، مثيرة لحرارة الغريزة ، يتفاعل مع العوامل الخفية في الإنسان ذاته ويؤثر عليه سلبا ..
أما إبداء الزينة ، فإنه يهيئ الجو النفسي للإغراء الذاتي من قبل المرأة في ما يثيره في داخلها من شعور بالجانب الجماليّ في جسدها ، وبالقيمة الكبيرة لما تملكه من مفاتن مثيرة ، تجتذب إعجاب الرجل ، وتثير غرائزه ، مما يجعل الجانب الأنثويّ في حياة المرأة ، في موقع الأهمية الكبيرة من شخصيتها ، إذ يؤمن لها الحصول على الموقع المميز في قلب الرجل ، أو في حياته .. ويؤدي ذلك بها إلى مراقبة حالات الانفعال بجمالها ، ليتحول ذلك لديها إلى حركة متنوّعة في وسائل الإغواء التي تلتقي بالإلحاح على الاهتمام بزينتها وتحريك غريزتها .. وبذلك تفقد الاهتمام بالجوانب الأخرى من شخصيتها ، مما ينعكس سلبا على حياة المجتمع المسلم وعلى السلوك الأخلاقي العام.
* * *
اعتراضات وردود
وقد يرى البعض في أن ذلك كله معناه أن الإسلام يحاول اضطهاد المرأة بإلغائه شخصيتها الأنثوية ذات الأصالة والعمق فيها ، وحدّ حريتها في التعبير عن تلك الشخصية بإظهار زينتها التي وهبها الله لها كنعمة من نعمه الكبيرة على الإنسان ، كما أنه يريد للرجل والمرأة أن يعيشا الكبت أمام مواقع الجمال في الحياة ، مما يخلق لديهما عقدة مستعصية ، كما هي حال الإنسان أمام كثير من