مضمون السورة
لقد أنزل الله هذه السورة لتكون آياتها دستورا عمليا للمسلمين ، في بعض جوانب حياتهم ، حيث تحدّثت عن علاقة الرجل بالمرأة ، وأكّدت الآية على القاعدة الشرعية التي تحكم تلك العلاقة على أساس تحضير الأجواء التي تمنع الانحراف على هذا المستوى ، وتخلق مناعة داخلية ، وتواجهه بالردع القانوني الحاسم الذي يدعو إلى عقاب المنحرفين ، ويمنع الاتهامات غير المسؤولة ، أو الإشاعات الطائشة التي يمكن إرسالها على هذا المستوى ، ويضع حدودا تفصل بين ما يجوز قوله وما لا يجوز ؛ فليس للإنسان الحرية في أن يقول كل ما يعلمه من شؤون الناس أمام الآخرين ، بل هناك دائرة خاصة محدّدة تتسع لقول الحقيقة بدقّة ومسئولية ، بهدف تحديد الموقف ، لا إثارة الانتباه وتحريك النوازع الذاتية العابثة ، ثم تعمل السورة على التذكير بوسائل الوقاية من الجريمة ، وتدخل بعد ذلك في تحديد قواعد السلوك الاجتماعي ، وأسس التهذيب الأخلاقي في حركة الفرد لجهة احترام وقته وحريته ..
وتضمنت السورة بعض اللمحات واللفتات والإيحاءات المتعلقة بتفاصيل العقيدة والانفتاح على الله في حركة الكون ، وما في جنباته وآفاقه من نور متدفق ، وما يوحي به ذلك كله من النور الإلهي الذي لا يملك الإنسان إلا أن ينفتح عليه لامتداده اللّانهائي وعمقه اللّامحدود ، وانسيابه الإشراقي في ذروة الصفاء ، في كل دفقة نور في أغوار الأرض وفي رحاب السماء .. وفيه تقدم السورة نموذجا حيا يلامس الروح.
ثم يمتد الحديث إلى بعض ملامح المؤمنين الذين يرتفعون إلى مستوى الإخلاص المتجسّد في العبادة الخالصة لله التي تستغرق كل وجدانهم