يغدقها على رسوله ، فيمنع أيّ تحريف للكلمة ، وأيّة زيادة فيها ، لأن ذلك هو السبيل لإحكام الآيات على أساس الثقة الشاملة بموافقتها للوحي الإلهي. وليست المسألة كما صوّرته الرواية المدّعاة ، من أن هناك زيادة سبقت إلى لسان النبي ، ثم أزالها الله بعد ذلك ، وأرجع الآية إلى الكلمات الموحى بها من الله .. وبذلك لا يكون التدرّج الذي تتحدث عنه الآية «بالفاء» التي تدل على التعقيب بلا فصل ، و «بثم» التي تدل عليه مع التراخي ، تدرّجا زمانيا ، بل هو تدرّج بحسب الرتبة انطلاقا من طبيعة الارتباط بين الأشياء المذكورة في الآية ؛ والله العالم.
(وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) يحيط بكل شيء في الإنسان من الداخل والخارج ، ويتعهده بحكمة في كل ما يحتاج إليه من عناصر وشروط وأوضاع ، ممّا يوجب اطمئنان الناس إلى سلامة خط الرسول في رسالته ، وحفظ القرآن في آياته ، واستقامة حركته بين هذا وذاك.
* * *
ما يلقيه الشيطان فتنة لمرضى القلوب
(لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) من الكفر أو النفاق ، (وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) الذين تحجّرت قلوبهم بالجهل والتخلف حتى لم تعد تنفتح على شيء من الفكر الحق ، وتجمدت مشاعرها بالغلظة والقسوة ، حتى لم تعد تنبض بالرحمة والخير ، وذلك بسبب هذه الأجواء التي تثيرها الطبيعة الإيحائية لحركة النبي في الساحة ، فهي أجواء تجعل العزّة بالإثم تأخذهم من جهة ، باعتبار أقوال النبي تلك مظهر قوّة لهم لما توحي به من تنازلات لحسابهم ، أو تجعلهم يتحركون في طريق الفتنة لإضلال المؤمنين عن دينهم ، باستغلال