النقطة الثانية : لماذا هذا التكرار في كلمة (بِإِذْنِي) أربع مرات مع إمكان الاكتفاء بكلمة واحدة للدلالة على أنّ ما صدر عن عيسى عليهالسلام ليس ناشئا من قدرته الذاتية بل هو ناتج عن قدرة الله سبحانه؟
والجواب ، أنّ ذلك قد يكون واردا للتأكيد على رفض النسبة الذاتيّة الخاصة في صدور هذه المعاجز المدهشة والقدرات العجيبة إلى عيسى عليهالسلام ، باعتبارهما أقرب إلى الأفعال الإلهيّة ، وبالتالي لبيان أنّ ذلك منطلق من إذن الله له في القيام بذلك بالمعنى التكويني للإذن ، أي أنّ قدرته كانت مستمدة من إعطاء الله له تلك الطاقة الّتي تنتج الأعاجيب ، وذلك لإبعاد فكرة الغلو فيه وادعاء الألوهيّة له ، كما حدث بعد ذلك ، ولبيان أنّه عبد من عباد الله في الطاقات الّتي وهبها الله له مما هو خارج عن المألوف للبشر ، كما هو عبد من عباد الله في الطاقات البشرية الّتي أعطاها له ، لأنّ الإعجاز الإلهي الذاتي ظاهر في القدرات العاديّة وغير العاديّة على حدّ سواء في عظمة القدرة الإلهيّة ، لأنّ الأشياء بطبيعتها لا تملك أيّة طاقة ذاتية بعيدا عما أودعه الله فيها من القدرة الخاصة ، على أساس السببيّة الّتي تختلف بين المألوف وغير المألوف ، والظاهر والخفي. والله العالم.
النقطة الثالثة : ربما يرى بعض العلماء والمفسرين أنّ هذه الآية والآيات المماثلة تدلّ على ولاية أولياء الله التكوينيّة ، بحيث يتصرفون في عالم التكوين من حيث القدرات العجيبة الّتي يزودهم بها ، فيتحركون في إدارة الأمور في حركة الواقع الوجودي للأشياء ، كما يتحركون في إدارة الواقع الرسالي للنّاس.
ولكنّنا ، مع التأكيد على الظاهر القرآني ، وهو أنّ الله يزود أنبياءه وأولياءه ببعض القدرات الخاصة الّتي تتحرك أفعالا خارقة للمألوف في مستوى العجائب ، لا نرى أنّ التعبير عنه بالولاية التكوينيّة صحيح ، لأنّ قضيّة الولاية ـ بمعناها المعروف ـ توحي بالموقع الّذي يملكه الوليّ التكويني الّذي أريد له أن