بقوّة القدرة الّتي أيّد بها رسوله ، فلم يتركه وحده تحت رحمة الكافرين ، بل «أوحى» إلى الحواريين ، أن يؤمنوا به وبرسوله (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي). ومن المعلوم أنّ هذا الوحي لم ينزل عليهم كما ينزل على الأنبياء ، بل هو من قبيل الإيحاء بالوسائل الطبيعيّة الّتي يمهد بها الله للإنسان سبيل الإيمان من العقل والكتاب والإرادة ، أو من قبيل الإلهام ، ولعله هو الأقرب هنا لمناسبته أكثر مع معنى الوحي الّذي هو لغة نوع من الإلقاء الخفي ، فكان أن استجاب الحواريون لنداء الله ، (قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) فأعلنوا إيمانهم وطلبوا من الله أن يشهد عليهم بالإسلام في ما يريدهم أن يعتقدوه ، وفي ما يكلفهم أن يفعلوه.
* * *
أسئلة من وحي هذه الآيات والإجابة
وهناك عدة نقاط أمام هذه الآيات :
النقطة الأولى : كيف تكون هذه الآيات المتعلّقة بعيسى عليهالسلام نعمة على والدته الّتي لم تشارك في ذلك؟
والجواب ، أنّ من الممكن أن تكون النعمة على والدته من حيث إكرامها بالكرامة الإلهيّة في إظهار قدرة الله في خلق عيسى عليهالسلام من خلالها ، واصطفاء الله لها وتطهيرها ورعايته لها في كل حياتها ، مع كون الآيات المذكورة في الآية مختصة بعيسى عليهالسلام. ومن الممكن أن تكون المسألة من حيث إنّ النعمة الّتي تصل إلى الولد هي نعمة على الأم أيضا ، لأنّه فرع منها ، فما يصل إليه من الكرامة يصل إليها ، لأنّ الله يكرم الأم بإكرام ولدها. والله العالم.