رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي أنّهما حلفا على كذب ، (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) يعني من أولياء المدعي ، (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) أي يحلفان بالله أنّهما أحقّ بهذه الدعوى منهما وأنّهما قد كذبا في ما حلفا بالله (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ). فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به فحلفوا ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم القلادة والآنية من ابن بيدي وابن مارية ، وردّهما إلى أولياء تميم الداري (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ)» (١).
هناك روايات أخرى تدل على أنّ تميما الداري هو أحد الشخصين اللّذين قاما بالخيانة وحلفا بغير الحقّ ، فقد أخرج البخاري في تاريخه والترمذي ، وحسّنه ، وابن جرير وابن المنذر والنحاس والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم ، فأوصى إليهما ، فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالله ما كتمتماها ولا أطلعتما ، ثمّ وجدوا الجام بمكّة ، فقيل : اشتريناه من تميم وعدي ، فقام رجلان من أولياء السهمي ، فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، وأنّ الجام لصاحبهم ، وأخذ الجام وفيه نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) (٢).
وليست المسألة في هذه الآيات هي مسألة صاحب القضيّة ، ولكنّها مسألة مثل هذه الواقعة في دلالاتها الشرعيّة من حيث الدعوة إلى الوصيّة حين الموت وتثبيتها بالإشهاد استحبابا إذا لم يكن هناك مثل هذا الحق وخاف ضياعه من بعده ، فإن وجد مسلمين عدلين فليشهدهما على الوصيّة ، وإن لم
__________________
(١) الكافي ، ج : ٧ ، ص : ٥ ، رواية : ٧.
(٢) الدر المنثور ، ج : ٣ ، ص : ٢٢١.